تحكمها وحدة بينها وبين ما سبقها وما تلاها ، فيما سكت البعض الآخر عن المشكلة متفادياً الولوج في معتركاتها ، وإن أشار بعضهم إلى بعض ما يترتب على سياقها. (١)
وأعتقد أن إشكالية السياق ليست بالإشكالية الحقيقية التي بإمكانها أن تعطّل فهم الآية الشريفة عن المراد الذي نحن في صدده ، لأنها تفضي في الوجهتين معاً إلى نفس الاتجاه.
ففي حال قلنا : إن السياق في الآية واحد ، فإن وحدة السياق لا يمكن لها أن تحصر الخطاب بزوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتفسير ظاهر الخطاب إنما يتبع حالة القرائن المحيطة به ، فقول القائل في مجلس عام يخلو من العلماء : «أكرم العالم» ، ليس كقوله نفس القول في مجلس خاص فيه عالم من العلماء ، والآية كما ترى محفوظة بالعديد من القرائن التي تجعل القول بخصوصيتها بزوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرب من التمحّل ليس إلاّ! وأول ما نلمسه في هذا المجال هو وجود الاختلاف الذي يسم نبرة المخاطِب ، فتراه في الآيات المحيطة بآية التطهير يتحدّث بحديث ملؤه الطلب ، فهو يريد منهنّ أن يفعلن ويفعلن دون أن يمنحهنّ أية خصوصية خارجة عن نطاق الفعل ، بل تراه يتحدّث بتلميح واضح إلى التهديد والوعيد لو تخلّفوا عن هذا الطلب ، وبترغيب وتشويق لو نفّذوه ، وهذا الترغيب والتشويق ، وذلك التهديد والوعيد ليس خاصاً بهم ، بل هو شامل لجميع المكلفين مع الحفاظ على نسبة الضعف لكون المسؤولية على عاتقهم أكبر من غيرهم ، ولكن هذا
____________________
(١) قال أبو حيان الأندلسي وهو ينتقد رأي عكرمة وما نسب إلى مقاتل وابن السائب في قولهم اختصاص الآية بزوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس بجيد إذ لو كان كما قالوا لكان التركيب «عنكن» و «يطهركن». انظر : البحر المحيط ٢٣١ : ٧.
ومثله قال ابن جزي الكلبي إذ رأى ان القول باختصاص الآية بزوجات النبي : ضعيف لأن الخطاب بالتذكير ولو إراد ذلك لقال : عنكنّ. انظر التسهيل لعلوم التنزيل ١٣٧ : ٣.