ويسمى عند أهل البلاغة بالاستطراد ، ووظائف هذا الانتقال عادة ما تكون بغرض التنبيه ولفت الانتباه إلى الموضوع المنتقل إليه ، كما نجد ذلك في قوله سبحانه وتعالى في سورة يوسف : (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) (١) فلقد انتقل الخطاب من امرأة العزيز إلى يوسف عليهالسلام بشكل معترض ومن بعده إلى امرأة العزيز ، ومثله كثير في القرآن ، وكما في قول السَمَوْأل الشاعر :
وإنا لقوم لا نرى القتل سبّة |
|
إذا ما رأته عامر وسلول |
يقرّب حب الموت آجالنا لنا |
|
وتكرهه آجالهم فتطول |
فأنت تراه ينتقل من الفخر بقومه إلى هجاء قوم آخرين ليعود من بعده إلى لغة المفاخرة ، وهكذا .. وإذا ما صحّ ذلك فإن وحدة السياق لا تمثّل في واقعها عبءاً ذا شأن أمام من يرى أن الآية لا تخصّ زوجات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما انها لا تمثل مغنماً لمن يريد تعميمها خارج نطاق الخمسة أصحاب الكساء عليهمالسلام ، لا سيّما إذا ما تمعّنا في المغزى من استخدام القرآن لهذا الاسلوب ، فمن الواضح أن القرآن كان في صدد توجيه نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تجاه متطلبات الهدابة الربانية ، وسط محفّزات عديدة ، منها ما كان محفّزاً في تحذيره كما في قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) ، ومنها ما كان محفّزاً في ترغيبه كما في قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً) وقد سارت عملية التحفيز وسط خيارين طرحهما الطلب الإلهي لهذه النساء والتي يعبّر عنها قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً
____________________
(١) يوسف : ٢٨ ـ ٢٩.