جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) ومن الطبيعي أن تقترن هذه الخيارات بتحديد نموذج الأسوة البالغة لهما في السير تجاه ما طلبه الله ، وحتى تكون هذه الأسوة في حدود الايفاء وفي كمال التحفيز ، نوّه إلى طبيعة ما تفعله ارادة الله سبحانه وتعالى بالإنسان الراغب في طاعة الله جلّ وعلا والمؤهل لتلقّي الفيض الإلهي ، بحيث أنها تبلغ به درجات التطهير الكاملة بعد أن تذهب عنه كل أنواع الرجس.
وطالما اننا أدركنا أن المخاطب في مجموع الآيات ليس واحداً ، وإنما هو متعدد بجهتين متفاوتتين في الخصائص والمؤهلات ، فإننا لن نجد في وحده السياق في الآية الشريفة مبعثاً لمشكلة يمكن لها أن تعيق فهمنا للآية بطريقة تخلو من الاشكالات التي كنا سنواجهها لو قلنا بوحدة المخاطب في الآيات ، وهذا الأمر سنلمسه أكثر أثناء بحثنا لبقية المسائل المعترضة في هذه الآية.
وإشكالية طبيعة الارادة المطروحة في الاية الشريفة هي الأخرى تمثل أحد الإشكالات التي حاول غالبية المفسّرين والمتكلمين استغلالها للتعتيم على الجهة التي ميّزتها الآية الشريفة ، فمن رأى في الآية الكريمة عدم تمايز أهل البيت عمّن سواهم ، قال بأن هذه الإرادة تشريعية كما ذهب إلى ذلك ابن تيمية وأمثاله ، (١) ومن قال بتمايزهم قال بأنها تكوينية ، ومن حاول التنصل من أحدهما مع اعتماده له في مواضع أخرى وقع في تناقضات عدّة. (٢)
____________________
(١) أنظر منهاج السنة النبوية ١٧ : ٣ ، و ١٥٧ ، و ٢١ : ٤ ، وانظر شرح العيدة الطحاوية ١١٦ : ١.
(٢) أنظر ما فعله الآلوسي في روح المعاني فإنه مع اما يشعر قوله في تفسير الآية بأن =