وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ) (١) فهي وإن كانت من سنخ الارادة التكوينية ، ولكن يمكن أن لا يتحقق مراد المريد إن كان القابل الإنساني لا يستجيب لمراد الشيطان.
وفي ما يتعلق بمبحثنا نلاحظ أن الارادة المستخدمة في مجموع الآيات الشريفة عبارة عن ارادتين ، أولهما : ارادة نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) ، وكذا قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) ، والأخرى ارادة الله لأهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) وما نسجله على ورود هذه الارادات بشكل سريع هو الأمور التالية :
أ ـ إننا لو قلنا بأن الارادة الموجودة في الاية هي ارادة تشريعية ، فإن متعلق هذه الارادة ينبغي أن لا يكون محصوراً بأداة الحصر «إنما» ، وذلك لأن خطاب التشريع بالتخلّص من الرجس والتطهر وما إلى ذلك ، هو خطاب موجّه إلى كل المكلّفين ، وليس خطاباً خاصاً بجهة دون غيرها ، وبالنتيجة وفق هذا القول يكون وجود أداة الحصر لا معنىً له ، وهو باطل حتماً ، فلا يبقى مجال إلا القول بتكوينية هذه الارادة.
وذلك إن ملاك الارادة التشريعية هو التشريع ، فهي تنطلق من كونها تريد تحقيق مادة التشريع ، ولئن لمسنا من الآيات السابقة لآية التطهير هذا الملاك بوضوح ، فإنه في آية التطهير غير ملموس بالمرة ، وذلك لوجود كلمة (إِنَّمَا) المتقدمة على هذه الارادة ، فالتشريع مادة عامة لكل المكلّفين ، فما المعنى بتخصيصه في هذه الحدود التي تضفيها أداة الحصر؟!
ب ـ إن خطاب الارادة التشريعية يتعلّق بفاعل غير المريد كما عرفنا ذلك من قبل ، وفي عموم الآيات لمسنا خطابين ، أولهما : طلب الله من
____________________
(١) المائدة : ٩١.