النساء أن يفعلن كما هو الأمر في الآيتين الأولى والثانية ، فيما كانت الآية الثالثة وهي مورد البحث متعلّقة بإرادة المريد نفسه دون غيره ، ومثلما أكّد في الآيات السابقة لها على تعلّق ارادة الفعل بالنساء كما نلحظ ذلك من لهجة التخيير ، (١) فإنه قد أكّد أيضاً في هذه الآية على ارادة الفاعل المريد فلم يكتف بقوله : (يُرِيدُ اللَّهُ) بل شفّعه بفعلي الارادة (لِيُذْهِبَ) و (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) مما يؤكد أن المحور في الحديث هو محور الارادة التكوينية ، فلا تغفل!.
ولا يمكن لزعم أمثال الآلوسي أن يستقيم حينما جعل الآية في مقام الشرط ليقول بأن ملاك الارادة التشريعية موجود في الآية فقال : أي يريد بنهيكم وأمركم ليذهب عنكم الرجس ويطهركم إن انتهيتم وائتمرتم .. قال : اذهاب الرجس والتطهير بعد الانتاء والائتمار لأن المراد الاذهاب المذكور بشرطهما فهو متحقق الوقوع بعد تحقق الشرط وتحققه غير معلوم إذ هو أمر اختياري وليس متعلق الارادة. (٢)
ومثله ما قال ابن تيمية حين ادعى أن الآية ليس : فيها اخبار بطهارة اهل البيت وذهاب الرجس عنهم ، وإنما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم. (٣)
____________________
(١) يمكن النظر إلى أراد النساء المطروحة في الآيات بلحاظين ، فمرة يمكن أن تكون إرادة تكوينية لو تعلّق الأمر بهنّ ، وإرادة تشريعية لو تعلّق الأمر بالطلب الإلهي منهنّ ، ولو أخذنا بلحاظهنّ فإن مقتضى القابليات الذاتية لهنّ هي التي ستحكم هذه الارادة ، ولهذا فهي إرادة موقوفة على غيرها ، ولكن لو لوحظت هذه الارادة بمقتضى التخيير المطروح في الآيات فما من شك في تصنيفها ضمن نطاق الارادة التشريعية.
(٢) روح المعاني ١٩ : ٢٢.
(٣) منهاج السنة النبوية ٢١ : ٤.