وكان القاضي عبدالجبار المعتزلي قد ردد نفس هذه الأقوال. (١)
وليس أدلّ على عدم استقامة ما ذكروه من وجود أداة الحصر في مقدم الآية ، فلو كانت كلمة (إِنَّمَا) في مقام أداة الشرط ، لاقتضى ذلك أن تكون آية التطهير خالية من الخصوصية لوضوح أن الشرط وجزاؤه فيهما من العمومية ما يتعلق بكل المكلفين ، دون انحصاره في أهل البيت ـ أياً كانت هويتهم ـ.
كما إن كون ذلك في موقع الشرط فإنه لن يستطيع تبرير حرص الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم على عدم إدخال أحد مع الخمسة أصحاب الكساء عليهمالسلام بما فيهم زوجتيه عائشة وأم سلمة ، أو عمته صفية ، أو ابن عمه جعفر ، أو أولاد ابنته فاطمة (صلوات الله عليها) غير الحسن والحسين عليهمالسلام ، فإن قالوا بخصوصيتها لأي سبب سواء كانت هذه الخصوصية نابغة من كون أهل البيت هم من حرمت عليهم الصدقة فيدخل فيها آل عقيل وآل جعفر وغيرهم كما يذهب بعض مفسّريهم إلى ذلك ، أو قالوا بعموميتها لبني هاشم ودون سواهم ، أو قالوا بقرابته صلىاللهعليهوآلهوسلم أو غير ذلك مما حفلت به كتبهم ، فإنها لن تبرز هذه الخصوصية بأي شكل من الأشكال ، فما خصصوا به غير خاص.
ولهذا لا بد من التخلّص من أحد الاثنين ، فهي إما أن تكون خاصة ـ وهو مذهب أشد المتوسعين منهم ـ وبالتالي ستكون الارادة هنا تكوينية وليست تشريعية وبها يحصل المطلوب ، وإما أن تكون تشريعية فيقتضي حذف أداة الحصر منها ، وهذا خرق لا يقول به أحد.
* * *
وقد يكون للبعض شبهة ترد على مقولة الارادة التكوينية ، إذ يرى أن
____________________
(١) المغني ٢٠ القسم الأول : ١٩٣ لقاضي القضاة عبد اجبار بن أحمد المعتزلي (ت ٤١٥ هـ) الدار المصرية للتأليف والترجمة.