ذلك لازمه سيكون القول بالجبر وبكلمة أخرى فإن لازمه سيكون اجبار أهل البيت على هذه الخصوصية ، او انهم سيعصمون بغير ارادتهم ، وإذا كان الجبر هو اللازم فلا فضيلة لمن أجبر على شيء ، وبالتالي فلا خصوصية في الآية.
وهذه الشبهة تبرز قصر فهم من يطرحها للآلية التي تعمل بها هذه الارادة ، وذلك لأمور عدّة أذكر منها الأمور التالية :
أ ـ إن مقولة الجبر تتنافى مع مسألة التكليف ، فالتكليف إنما يتقوّم بالاختيار وليس بالجبر.
ب ـ إن هذه المقولة تبتني بشعور ومن دونه على نظرية الأشاعرة بجزافية الارادة الإلهية ، وهي مردودة لتنافيها مع الحكمة الإلهية ، فهذه الارادة إن كانت قد خصّت أفراد هذه الآية بخصوصية ما ، فيفترض أنها قد خصّتهم بسبب مرجّح ما ، ولا يمكن أن يكون هذا المرجّح متعلّق بنفس ارادة المريد ، لأنه سيستلزم الترجيح بلا مرجح ، وهذا ما يتنافى مع بديهية العدل الإلهي كما بيّنا ذلك من قبل ، فلم رجّح هؤلاء ولم يرجّح غيرهم؟! وعليه فإن سبب الترجيح منحصر في طبيعة الخصوصيات التي يتمتع بها هؤلاء دون من سواهم.
ج ـ ذكرنا من قبل أن العلة الفاعلية ليست هي مقوّم الارادة الوحيد ، بل إن وجود العلة القابلية شرط من شروط تحقق هذه الارادة ، وهذا الشرط في حال عدم وجوده لا يمثل نقصاً في العلة الفاعلية ، بل قصوراً في علة القابل ، مثله مثل التحدث عن قدرة الله القادر على كل شيء على الجمع بين الوجود والعدم ، فهو مستحيل لقصور القابل عن مجاراة الفاعل ، ولهذا نقول : إن كانت ثمة إرادة إلهية في هذا المجال ، فلا بد وأن ترتبط بوجود خصوصية في أفراد هذه الآية ، فهم القابل للفعل الإلهي ، وهذه الخصوصية هي سبب الترجيح في الارادة الالهية ، وبالنتيجة فليس ثمة ضرورة للاجبار