وأغلب هذه التعريفات هي تعريفات لمصاديق الرجس ، وليس للكلمة بشكل مباشر ، وأنسبها على ما يبدوا هو تعريف ابن منظور وهو القذر ، شريطة أن يعمم لكل ما سيتقذر منه.
وقد استخدمت الكلمة في القرآن الكريم تسع مرات ، وفي جميعها كان استخدامها بلحاظ ما ترتبط به من مصاديق أو متعلقات ، ولكن نلحظ في الآية الكريمة : (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) (١) اشارة حاسمة إلى منشأ الرجس ، إذ تشير الآية الكريمة إلى القلب المريض بعنوانه موطن هذا الرجس ، وبالتالي لتؤكد ان القلب السليم لا يدخل فيه الرجس ، ولعل هذه الآية هي التي تعطي الرجس معناه الواقعي ، إذ سيصبح كل قذر يلوث سلامة القلب من دون أو زيغ أو مرض أو ريب ، وهو بالتالي لن يتوقف عند الجانب المادي الظاهر من القذر ، بل يمتد إلى الجانب الباطني منه.
ويظهر قوله سبحانه وتعالى : (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) (٣) أن سبب جعل الرجس متعلّق بعاملين ، أولهما : عدم الإيمان ، وثانيهما : الجهل ، ولهذا فإن النفوس التي آمنت حق الإيمان وابتعدت عن كل صور الجهل ، سينتفي منها الرجس انتفاء محضاً ، وهي في مقامها تمثل تنافي العلة القابلية وهي هنا القلب السليم مع ارادة العلة الفاعلية وهي هنا عوامل الرجس ، فيستحيل معها ظهور المعلول. فانتبه!!
وانتفاء المرض من القلب الذي هو صورة الرجس ، سيؤهل هذا القلب لواحدة من مزايا القلب السليم الموعودة في القرآن ، وهي مزية «الرسوخ في
____________________
(١) التوبة : ١٢٥.
(٢) الأنعام : ١٢٥.
(٣) يونس : ١٠٠.