مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ) (١) وهو يفضي لمرض القلوب تبعاً لقوله تعالى : (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٢) ولهذا فإن من أُذهب الرجس عن قلبه لا بد وأن يكون سيّداً لهواه مخالفاً له ، ومن طهر قلبه لا بد وأن يكون سعيه باتجاه الكمال كاملاً لا عور فيه ، وإذا ما توافق الفاعل وهو إرادة واهب الكمال مع القابل المؤهل لهذه الهبة ، فإن خروج معلولهما من البديهيات.
ونفي هذين الطريقين وهو ما تعلقت به الارادة الإلهية في إذهاب الرجس ، ولو أضفنا إلى ذلك إرادة التطهّر ، فسنجد أن الملازمة الطبيعية لها ستكون متمحورة ليس في اذهاب الاثم والخطأ .. على حد سواء بشكل كامل فحسب ، بل وفي اضفاء لطف إلهي خاص مجعول لمن يصل إلى هذه المرحلة ليكشف عن بصيرته بشكل كامل وهو تعبير ما نطقت به الآية الكريمة : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٣) ، وهذا البصر الحديدي لن يخرج عن كونه بصيرة بكل شيء وفقاً لما صرّحت به الآية الكريمة : (هذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٤).
إن هذا اللطف وبهذه الحدود هو ما نعنيه بالعصمة الشاملة التي لا مجال فيها لخطأ في التعامل مع الواقع الحقيقي ، فضلاً عن الاثم بمعاييره الشرعية والواقعية كافة ، وقد مر في مبحث كيف تتشكل العصمة مزيد بيان حول هذا الموضوع.
* * *
____________________
(١) الفرقان : ٤٣.
(٢) الكهف : ٢٨.
(٣) ق : ٢٢.
(٤) الجاثية : ٢٠.