إلى هنا فإن البحث قد أفضى إلى التعرف على المواصفات الذاتية التي تستوجب مفاد الارادة الإلهية ، وبطبيعة الحال فستمكّننا هذه المواصفات من التعرف على المراد بمصطلح أهل البيت المشار إليه في الآية الكريمة ، لأن الآية الشريفة وضعت مواصفات ومؤهلات ، وأضفتها على من سمّتهم بأهل البيت ، ولهذا فإن العثور على النموذج الاجتماعي الذي توفرت فيه هذه المواصفات وهو الكفيل بتعريفنا على من يستحق أن يطلق عليه هذا المصطلح ، وبالتالي فسيجنبنا الكثير من عناء العثور على الحقيقة ، فمن المعلوم أن هذا المصطلح قد فسح المجال بسبب خصوصياته وما يترتب عليه في ساحة الصرع السياسي والطائفي ، لكي تعجّ هذه الساحة بالكثير من العجائب التي أفضى إليها النهج الطائفي في تحريف المراد القرآني وتطويع نصوصه وسوق الأكاذيب التي من شأنها أن تحقق كسباً طائفياً ، وإن استلزم ذلك الكثير من العنت والتمحل.
وقبل خوضنا في الحديث عن تفاصيل ذلك يتوجب علينا التذكير بما نعتقد أنه من بديهيات المسلمين وحقائقهم الأولية ، وهو أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حينما يتحدث بأي حديث فإنما هو ناطق من قبل الوحي الإلهي لوضوح الأمر في قوله تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (١) ، ومن الواضح أن هذا الوحي لا علاقة له عاطفياً مع أحد بمعزل عن المعايير الرسالية البحتة ، ولا تعنيه الوشائج الرحمية للرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بشيء إلاّ بمقدار تعلق الأمر بهذه الرسالة ، وإلا لما نزل ذلك التقريع الشديد بعم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وامرأته ، ولما مسّت قريش الجاهلية بذلك التعنيف الشديد الذي قد تراه يطال بيتاً كاملاً وأساسياً من بيوتاتها ليصفه بصفة الشجرة الملعونة ، ولهذا فإن
____________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.