تعرض القرآن الكريم والرسول الصادق صلىاللهعليهوآلهوسلم للحديث عن الجانب الرحمي في آية المودة أو في آية التطهير أو في أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته ، إنما تنطلق من هذا المنطلق ، وتنتهل من هذا المنهل.
كما ينبغي التذكير أيضاً بحقيقة تتعلق بالوحدة الموضوعية لما يصدر من الوحي والانسجام التام بين مفردات ما ينزل به ، وعدم تناقض هذه المفردات في ما بينها وفقاً لقوله تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (١) ، وعليه فإن ما يصدر من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مجال موضوع محدد ، ينبغي أن ينسجم انسجاماً كاملاً مع بقية المجالات إن كان ثمة تلاق بين مفاهيمها ، ويستوجب ذلك أيضاً انسجام الكلام مع الواقع الخارجي المرتبط بهذه المفاهيم ، وإلا لزم ذلك تكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الجهة الموحى إليها ، وتكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو تكذيب للوحي مما ينتفي مبرر وجوده ، وبكلمة أخرى نقول : إن كلام الوحي عن قضية معينة له ارتباط بجهتين ، واحدة تتعلق بجهة الخطاب ، وجهة تتعلق بالقيمة الموضوعية لهذا الخطاب ، فحينما يقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ، فمراد الوحي سيتعلق مرة بموضوع هذه التركة ، وأخرى في كون التمسك بهذه التركة لن يؤدي إلى الضلال مطلقاً ، وتلمّس آثار ذلك هو الواقع الموضوعي للتركة من حيث عدم سلوكها سبل الضلال ، وللأمة المتمسكة بها في أن لا ترد إلى ضلال ولا تخرج من هدى.
* * *
وبالعودة إلى موضوع البحث فإن أول ما سيواجهنا في مجال التعرف على المراد القرآني بأهل البيت هو محاولة العثور على المصاديق الاجتماعية للمؤهلات التي طرحتها الآية الكريمة ، وهذه المحاولة في تصوّري تحتاج
____________________
(١) النساء : ٨٢.