الأولى : إن أحمد روى حديث الثقلين في المسند ، وفي فضائل الصحابة بطرق عديدة كان منها طريقة إلى أبي سعيد الخدري ، عن عطية ، ولكن كان له طرقاً مستقلة أخرى كطريقة لزيد بن أرقم ، ولزيد بن ثابت في روايتهما للحديث ، فلقد روى عن زيد بن أرقم في موضعين ، (١) ولزيد بن ثابت في موضعين مثله. (٢) ولا تجد فيهما بعبع عطية ـ وهو ابن سعد بن جنادة العوفي ـ ولا غيره من الكوفيين كما زعم البخاري! (٣)
الثاني : إن مسند أحمد مملوء برواياته عن عطية العوفي ، وبعجالة فقد عددنا له ما يقرب من (٤٣) صفحة من صفحات الكتاب ، ولربما يوجد في الصفحة الواحدة أكثر من حديث ، فكيف تحدث أحمد عن عطية بهذه الصورة ، في الوقت الذي التزم بادخال رواياته في المسند؟ مع العلم انه يتحدّث عن صحة ما في مسنده بصورة جازمة فقد نقل حنبل بن اسحاق أنه جمعهم هو وصالح وعبد الله أولاده وقال لهم بعد أن قرأه سماعاً عليهم : هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه ، وإلاّ فليس بحجة. (٤)
يبقى أن نشير إلى أنه على فرض صحة ما ذكر ـ وهو غير صحيح ـ ،
____________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٣٦٦ : ٤ ، و ٣٧١ : ٤.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ١٨١ : ٥ ، و ١٨٩ : ٥ ، وفضائل الصحابة ٦٠٣ : ٢ ح١٠٣٢ ، و ٧٨٦ : ٢ ح ١٤٠٣.
(٣) الملفت أن البخاري نفسه روى عن عطية في كتابه الأدب المفرد. «الأدب المفرد : ٤٧ دار البشائر الإسلامية ـ بيروت ١٩٨٩ ط ٣».
أقول : رغم انه لم يلتزم برواية الصحيح فيه كما التزم في صحيحه ، ولكن هل رأيت رجلاً يعتقد بكذب رجل ومع ذلك يروي عنه؟!
(٤) التقييد لمعرفة رواة الأسانيد : ١٦١ للحافظ ابن نقطة الحنبلي (ت ٦٢٩ هـ) ؛ دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٨.