تثير الانتباه حال مطالعة الخبر ، ومن هذه الأمور أذكر ما يلي :
١ ـ إن حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه يوشك أن يدعى وربط ذلك بتركه الثقلين بين صفوف الأمة ، لا بد أن يثير الانتباه في شأن مصدر هذا الترك وأسبابه ، فمن الذي طلب منه أن يترك تركته هذه؟ وما هي الأسباب التي تكمن وراء هذا الترك؟ فإن كان المصدر هو الوحي ـ ولا مصدر في البين سواه لوضوح دلالة آية النجم ـ فسيكون ذلك فاتحة لتساؤل عريض ومُلحّ في شأن حديث العامة عن عدم وجود وصية للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من بعده ، وانه قد مات ولو يوص لأحد؟!!
في الوقت الذي نجد فيه منطق الوصية هنا حاكماً خاصة مع ضماننا بأن الوحي قد تدخل في تحديد أطر هذه الوصية ، فما كان للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يترك شيئاً لأمته دون تدخل من الوحي وتوجيه منه ، كيف لا؟ وقد علمتنا سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم انه كان لا يتصرف بأمر دون الوحي ، وخاصة أنه أدخل القرآن في تركته هذه! ، ولا يمكن حتى لمن يعتقد ان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأخذ كل شيء من الوحي أن يدّعي عزل الوحي عن ذلك ، وقد دخل القرآن في الأمر!.
وحينما يكون الأمر بهذه الشاكلة فلا بد من العثور على الشاهد القرآني على ذلك ، لا سيما وان القرآن يتحدّث عن نفسه بوصفه قد حوى تبيان كل شيء ، ومن يلاحظ الترابط بين القرآن وبين العترة أو أهل البيت في هذا الحديث ، فإنه يجد أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتحدّث عن عدم كفاية القرآن بعنوانه كتاباً صامتاً لا يتكلم ليضع النقاط التي تغفل التطبيقات البشرية ـ بعمد ومن دونه ـ وضعها على حروفها وفق المراد الإلهي ، وقد رأينا ان القرآن قد فعل نفس الأمر مرة بتأكيد ان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لن يتم عملية الهداية الربانية فهو منذر ، باعتبار أن الانذار لن تلتزم الأمة بمفادة بمجرد اصداره ، فما هو بالذي يستخدم منطق المعجزة في تحويل أناس الجاهلية الجهلاء إلى الأناس الذين جاء القرآن لصنعهم ، وما الناس بتلك القابليات التي تؤهلهم للنوء بالأعباء