بحث علم الكلام مفهوم العصمة نفياً وإثباتاً ؛ توسعة وضيقاً من زوايا مختلفة ، وفي الكثير من الأحيان جاءت هذه الأبحاث وهي تحكي اسقاطات الصراعات المذهبية والسياسية لدى المثبت والنافي على حد سواء ، أكثر من نتعبيرها عن محاولة الوصول إلى تقديم فهم متكامل عن العصمة وفق النص المعصوم ، ولم تتخل أكثر الأبحاث رصانة من الابتلاء بافرازات الواقع السياسي والمذهبي على مثل هذه الأبحاث اللهمّ إلاّ ما ندر! ولا يعني ذلك أني أحاول أن أغمط قدر المحاولات الجليلة التي أبداها علماؤنا الأجلاّء ـ والعياذ بالله ـ فلقد أدّت وهي تعايش ظروف الصراع الموجّه نحو الإمامية على مدى الأزمنة الماضية وتلبي أغراضه ، أضل الخدمات في عملية التحصين العقائدي ، ولكن وجود هذه الأبحاث ضمن بوتقة هذه الصراعات جعلها تحاط بحاجز لا أرادي يدفع بقارئها بعيداً عنها وعن نتائجها ، ومن ثم لتشكل مشكلة مهمة أمام طالبي الحقيقة.
وثمة مشكلة أخرى تختص في بحث مثل هذه المفاهيم ، هي مشكلة الفاصل بين «المفهوم الإلهي» وبين «المفهوم البشري» ، فكثيراً ما ظل هذا التقسيم وطريقة فهمه خاضعة للمقاييس العقلية المحدودة ، ومشكلة هذه المقاييس أنها تحاول تعميم طرق معرفتها للمفاهيم البشرية ، على طريقة فهم المفاهيم الإلهية ، مما جعلها تتنكب طريق الصواب في الغالب ، لأن الآلية التي نفهم فيها الأول لا تتفق بالضرورة مع تلك التي نفهم بها الثاني.
وقد تكون مهمة الباحث الحديث أكثر صعوبة من سواها لسهولة وصمه بالكثير من تراكمات وعقد هذه الخلفيات التي تركت بصمتها واضحة على