لا سيما وأن نزول الآية كان في وقت كانت الأمور قد استوسقت له ودانت قوى الشرك وأهل الكتاب له ، ما بين مجندل بسيف الإسلام ، وما بين خانع ذليل يدفع الجزية عن يد وهو صاغر ، وما بين مجلو عن الديار ، مجفو من المكان.
ومن يعرف سمو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخلاقية الرسل عليهمالسلام لا يشك لحظة في أن خشيتهم وخوفهم إنما يكمن في تكذيبهم من قبل الناس ، كما حكى الله سبحانه وتعالى عن موسى عليهالسلام بقوله : (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (١) وقوله : (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) (٢) وما من شيء يخافه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويخشاه بأكثر من أن يعتبر الناس ان أمره مكذوب على الله سبحانه وتعالى أو انه لا
____________________
= عليهم! ومن دون أن يكبدوا انفسهم أي عناء لمعرفة السبب الذي يجعل مثل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خائفاً من القتل والموت وهو الذي يمتلك المقام المحمود في الآخرة ، ومن له خصيصة الشفاعة العظمى ، ومن له خلقت الجنة ، ومن يرددون أنه ـ بأبي وأمي ـ كان يقول : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والآخرة سجن الكافر وجنة المؤمن!!
ألرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمكن أن يقال إنه كان يخاف من الموت فيبيت سهراناً قلقاً من الغيلة حتى يأتيه الحراس فيغظ في نومه؟! وهو الذي كان يعبر عنه بطل الإسلام الأعظم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : كنا إذا حمي الوطيس لذنا برسول الله!!
أخفي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طبيعة المعركة التي يخوضها ضد القوى العظمى في زمانه ، ولم تخف هذه على عائشة وأضرابها؟!
وأين كان رسول الله كل فترة قتاله مع قريش ومع اليهود حتى بدت خشيته من القتل في أواخر أيامه؟!
بل أين كان الله منه بحيث لم ينزل آية العصمة من الناس إلاّ في أواخر أيامه؟!
العجيب بهؤلاء القوم انهم على استعداد للنيل من دين رسولهم بل من حكمة ربهم!
شريطة أن لا تمس عائشة وأضرابها!
اللهمَّ سبحانك إن هذا رسول لا نعرفه!!
(١) الشعراء : ١٢.
(٢) القصص : ٣٤.