الكثير من ثنايا هذه الأبحاث.
وحتى الباحث أن يقدّم صورة دقيقة عن هذا المفهوم ، عليه أن يتجرّد عن الكثير من ملابسات ذلك الصراع ، فلقد طرحت مسألة العصمة قبل أن يوجد هذا الصراع الذي لم يك فكرياً مجرداً في بدايته بقدر ما كان محاولة فكرية لتبرير الأحداث السياسية التي حفلت بها مرحلة ما بعد الرحيل المفجع لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن الحق على طالب الحقيقة الذي يريد أن يتجرّد عن تأثيرات هذا الصراع الرجوع إلى مرحلة أصالة المفهوم ، أي إلى نقطة البداية التي شهدت ولادة هذا المفهوم ، وأعني بها منابعه الفكرية التي استند إليها يوم ولد.
ونحن قبل أن نلج في صلب هذا الموضوع علينا أن نمهّد للموضوع بمبحثين يستهدف الأول التعريف بالعصمة لغوياً ، والنزوع منها لتعريف المصطلح ، وقد أضفنا لتعريف المصطلح نبذة يسيرة وموجزة عن معتقدات الفرق الإسلامية بالعصمة لا بهدف مناقشتها ، فليس مهمة الكتاب هنا مناقشة هذه الأفكار ، وإنما لتقديم صورة موجزة كي يتكامل الموضوع في ذهن القارىء الكريم ، تاركين المناقشة لذلك في الكتب المخصصة لذلك ، ككتاب دلائل الصدق ، للشيخ المظفّر وتنزيه الأنبياء والشافي للشريف المرتضى وأمثالها ، فيما سيستهدف التمهيد الثاني البحث في طبيعة التداخل ما بين شخصية المعصوم عليهالسلام الذاتية ، وشخصيته الرسالية ، فقد أتاح الغبش في هذه المسألة للكثيرين من إساءة فهم مفهوم العصمة ، فمن قال بجزئيتها لبعض الأفعال دون جميعها إنما استند على التفكيك ما بين الشخصيتين ، ومثله من قال بجبرية العصمة ، ومن قال بشمولية العصمة انطلق في ذلك من عدم تفكيكه بين الشخصيتين ، وباعتبار أن البحث يتعلق بالعصمة وبغيرها كمسالة علم المعصوم عليهالسلام ، وترابطها اللصيق مع مسألة الشفاعة والولاية والشهادة ، لهذا كان من اللازم تقديم هذا المبحث قبل الدخول في تفاصيل المفهوم ، وإن كان القارىء الكريم سيجد أن الانتهاء من حسم طبيعة العلاقة