يفقهها أصحاب الخبر هي المطلوبة بعد الكتاب ، كان من الأولى بالقرآن أن لا يقرن مع المنذر جهة أخرى. فتأمل!!
ج ـ من الواضح ان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يتمكن من بث كل ما لديه من أفكار وتشريعات لعامة المسلمين ، ومن الواضح أيضاً أن المسلمين كانوا في أغلب الأحوال بعيدين علمياً وعملياً عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مرة بسبب انشغال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحروب وسائر مشكلات العمل التبليغي الذي ينوء بحمله (بأبي وأمي) ، وأخرى بسبب ضعف إداركاتهم العقلية والعلمية ، وثالثة بسبب انشغالهم بتصاريف الحياة ومشاغلها (١) ، ورابعة بسبب عدم وجودهم ، فغالبيتهم إنما جاؤوا بعيد فتح مكة ، أي في السنتين الأخيرتين من حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخامسة بسبب بعد الكثيرين منهم مكانياً عنه (صلوات الله عليه وآله) ، وعليه فإن التشريع من وجهة النظر العملية سيكون منحصراً بعدد هو الأقل من بين جموع المسلمين ، وبكلمة أخرى إنما قامت الحجة على بقية المسلمين من خلال نزر قليل من المسلمين ، فإنْ أمرنا باتباع السنة ، فالمطلوب اتباع هؤلاء لا سواهم ، فهم التركة التي خلفها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أيديهم من بعده ، وعندئذ فإن مقتضيات مرويات القوم تؤكد ضرورة أن يلي أمر القوم أمثال أبي هريرة الدوسي لكثرة ما رووا له ، فبعد ان كذّبه عمر واتهمه بالرواية ومنعه منها ، راح يتحدّث عن علمه حتى انه كان يعيّر سائر المسلمين بأنه كان متفرغاً لأمر الحديث وهم لاهون عنه ، فتسمعه (٢) يقول :
____________________
(١) يقول ابن حزم في مبحث حجية خبر الواحد : إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان بالمدينة وأصحابه رضياللهعنهم مشاغيل في المعاش وتعذر القوت عليهم لجهد العيش بالحجاز ، وانه عليهالسلام كان يفتي بالفتيا ويحكم بحضرة من حضره من أصحابه فقط ، وإن الحجة إنما قامت على سائر من لم يحضره بنقل من حضره ، وهم واحد واثنان.
الإحكام ١٠٨ : ١ لابن حزم الظاهري الأندلسي (ت ٤٥٦ هـ) دار الحديث ـ القاهرة ١٤٠٤ ط ١.
(٢) هنا تسمع من أبي هريرة قصة لا ترويها حتى العجائز ، ولكن القوم رووها وعوّلوا =