من كان عنده من السنّة شيء فليتلفه. (١)
وبعد الحرق بعث إلى ابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري وأبي الدرداء فقال : ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسولصلىاللهعليهوسلم فحبسهم بالمدينة حتى استشهد. (٢)
وكان يطلب من الصحابة حال سفرهم أن لا يحدّثوا أحداً بحديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا حدّثوا فليقلّوا ، فحينما سيّر بعضهم إلى العراق وكان منهم قرظة بن كعب قال لهم وفق ما يرويه الذهبي : إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدّوهم بالأحاديث ، فتشغلوهم! جردوا لقرآن وأقلّوا الرواية عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا شريككم ، فلما قدم قرظة بن كعب قالوا : حدّثنا ، فقال : نهانا عمر!. (٣)
ولعمري من منع رسول الله (بأبي وأمي) من الكتابة بعد أن طلب منهم ذلك ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لما يزل بعد حياً! وفي وقت كانت الحاجة فيه في أعلى ذروتها لأن يأخذوا من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كل ما أمكنهم في متبقى عمره الشريف ، وأي حاجة أمسّ من أن يأخذوا ما يكتب لهم رسولهم وهو في أواخر لحظات حياته المقدّسة؟! أقول : من منع مثل الرسول ولم يكن قد تسيّد بعد ، كيف يمكن له أن يفعل لو تسيّد وحمل الدرة بين يديه يضرب فلا يردّ عليه ، وينهى فلا يجرؤ أحد على صده ومنعه؟! (٤)
____________________
(١) تدوين السنة : ٥٠ لإبراهيم فوزي ؛ دار رياض الريس للكتب والنشر ـ لندن ١٩٩٥ ط ٢.
(٢) مجمع الزوائد ١٤٩ : ١.
(٣) تذكرة الحفاظ ٧ : ١.
(٤) علل القوم نهي عمر ومن سبقه عن الكتابة رغم التصريح الواضح من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للصحابة بأن يكتبوا بأنهما كانا حريصين على حفظ القرآن وكي لا تنشغل الناس بالحديث وتنسى القرآن وأمثال ذلك من الأعذار! وكأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان غافلاً عن القرآن حينما قيل له : إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها؟ فقال : اكتبوا ولا حرج!! =