يمكن القول بأن مساحات العصمة لديهم تنحصر في أربعة أنحاء ، يفصّلها الفخر الرازي بالصورة التالية : ما يتعلق بالأمور الاعتقادية ، وما يتعلق بجميع الشرائع والأحكام ، وما يتعلق بالفتوى ، ورابعها : مايتعلق بأفعال المعصوم وأحواله. (١)
أما العصمة في فكر الإمامية فإن مساحة العصمة تشمل كل كيان المعصوم عليهالسلام ، سيّان في ذلك بين فكره نطق به أو لم ينطق ، وإرادته سواء عبّر عنها فعله أو تقريره ، ومشاعره أظهرها أو لم يظهرها. حيث يقول العلامة الحلي (قدّس سرّه الشريف) مفصّلاً ذلك بأن المعصومين عليهالسلام معصومون : عن الصغائر والكبائر ، ومنزّهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها. على سبيل العمد والنسيان ، وعن كل رذيلة ومنقصة ، وما يدلّ على الخسة والضعة. (٢)
والعصمة من المفاهيم الإسلامية التي تداولتها الفرق الإسلامية كافة على اختلاف يتسع ويضيق في ما بينها.
قال ابن حزم الأندلسي مبيّناً ما اختلف فيه الناس من أهل الملل والنحل في شأن العصمة : ذهبت طائفة إلى أن رسل الله (ص) يعصون الله عزّ وجلّ في جميع الكبائر والصغائر عمداً حاشا الكذب في التبليغ فقط ، وهذا قول الكرامية من المرجئة ، وقول ابن الطيب الباقلاني من الأشعرية ومن اتبعه ، وهو قول اليهود والنصارى.
قال : ورأينا في كتاب صاحب الباقلاني أبي جعفر السمناني قاضي
____________________
(١) عصمة الأنبياء : ١٤ فخر الدين الرازي (ت ٦٠٦ هـ) ؛ مؤسسة البلاغ ـ بيروت ؛ ١٩٨٨ ط ١.
(٢) نهج الحق وكشف الصدق : ١٤٢ للعلامة الحسن بن يوسف المطهّر الحلي (ت ٧٣٦ هـ) ؛ دار الكتاب اللبناني ١٩٨٢ ـ بيروت.