لو كان خبرهم صحيحاً فإين سيضعون قول عمر يوم رزية الخميس : حسبنا كتاب الله ، ناهياً أن يفسحوا المجال لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب الكتاب الذي وعدهم إن تمسكوا به لن يضلوا من بعده أبداً؟! (١)
وأين سيضعون قول أبي بكر الذي قاله حال جمع الناس بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة على ما يحكيه ابن أبي مليكة : إنكم تتحدثون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئاً فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه؟! (٢)
وهكذا غدت السنة هي المفرقة للناس ، وهي المشتتة لجمعهم! فإن قالوا بصحة خبر : (الكتاب والسنة) هذا ، فلقد أضرّوا ـ بإقرارهم ـ بدينهم كثيراً ، وأساؤوا لتركة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم!!
وهكذا لا نجد من الناحية السندية والناحية المعنوية في هذا الخبر ما يتقوون به على معارضة حديث الثقلين ، ولعل معرفتهم بذلك هو الذي دفع بأغلب رواتهم ومحدّثيهم للاغماض عنه!.
____________________
= المعجم الكبير للطبراني ٢٧٦ : ٤ رقم ٤٤١٠ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ١٥١ : ١ ، وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين : ٤٧٠ رقم ٦٢٦.
بل إن الوحي الإلهي الذي بدأ نزوله بحديثه عن القراءة إنما تكون لمكتوب! وانتهى بقول النبي في أواخر لحظات حياته : آتوني بدواة وكتف أكتب! لكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً ، قد نسي ما برر به عمر وصاحبه المنع من الكتابة!
لعمري أي فكر في عقول هؤلاء القوم؟! وأي احترام للسنة في أذهانهم؟!
(١) تقدم تخريج الخبر من صحاح القوم كالبخاري ومسلم وأحمد والنسائي وغيرهم كثير.
(٢) تذكرة الحفاظ ٢ : ١ ـ ٣.