الموصل (مقدّم الأشعرية في وقته) (١) أنه كان يقول : إن كل ذنب دقّ أو جلّ ، فإنه جائز على الرسل حاشا الكذب في التبليغ فقط ، وقال : وجائز عليهم أن يكفروا ، قال : وإذا نهى النبي عن شيء ثم فعله فليس ذلك دليلاً على أن ذلك النهي قد نسخ ، لأنه قد يفعله عاصياً لله ، قال : وليس لأصحابه ان ينكروا ذلك عليه ، وجوّز أن يكون في أمة محمد من هو أفضل من محمد مذ بعثه الله إلى أن مات!! ثم قال : وذهبت طائفة إلى أن الرسل لا يجوز عليهم كبيرة من الكبائر أصلاً وجوّزوا عليهم الصغائر بالعمد وهو قول ابن فورك الأشعري ، وذهب جميع أهل الإسلام من أهل السنة والمعتزلة والنارية والخوارج والشيعة إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلاً معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة ، وهو قول ابن مجاهد الأشعري. (٢)
وقال التفتازاني : الأنبياء معصومون عما ينافي مقتضى المعجزة كالكذب في التبليغ ، وجوّزه القاضي سهواً (٣) ، وعن الكفر ، وجوّزه الأزارقة حيث جوّزوا الذنب مع القول بأن كل ذنب كفر ، وعن تعمد الكبائر سمعاً عندنا وعقلاً عند المعتزلة ، وجوّزه الحشوية ، وعن الصغار المنفرة ، وكذا تعمّد غير المنفّرة خلافاً لإمام الحرمين وأبي هاشم. إلى أن قال : وجوّز
____________________
(١) ما بين القوسين منا توضيحاً. انظر للتفصيل : تاريخ بغداد ٣٥٥ : ١ والوافي بالوفيات ٦٥ : ٢ ، والكامل في التاريخ ٢٩٥ : ٢.
(٢) الفصل بين الملل والأهواء والنحل ٢٨٤ : ٢ ـ ٢٨٥ لابي محمد علي بن احمد المعروف بابن حزم الأندلسي الظاهري (ت ٤٥٦ هـ) ؛ دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٩٩٦ ط ١.
(٣) أراد به الرازي. قال : معصومون في زمان النبوة عن الكبائر والصغائر بالعمد. أما على سبيل السهو فهو جائز. أنظر عصمة الأنبياء : ١٥. وقال الايجي وشارح موافقه الشريف الجرجاني : (أما) صدورها عنهم (سهواً) أو على سبيل الخطأ في التأويل (فجوّزه الأكثرون). المواقف وشرحه ٢٦٥ : ٨ ؛ عضد الدين الايجي (ت ٧٥٦ هـ) وشرحه للشريف الجرجاني (ت ٨١٢ هـ) مطبعة السعادة ـ مصر ١٩٠٧ ط ١.