ج ـ طبيعة خيال الإنسان وأوهامه عن نفسه ومحاولته قياس الآخرين على شخصيته ، وما يستهوله من عدم إمكانية خطأ إنسان آخر وهو الذي يجد في نفسه الخطأ وهو يستقر على أعتاب سلوكه ، ولربما أوهمه فهمه للآية الكريمة : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (١) بذلك ، فهذه الطبيعة غير المعصومة ، كيف يمكنها أن تفهم شخصية لا تناظرها في البناء الذاتي ، ولهذا وقع الكثير من المفسرين وسواهم بهذا المطب مما جر على فكر العصمة الشيء الكثير من الويلات.
* * *
ولمعالجة هذه الشبهات التي طرحت ضد عصمة الأنبياء عليهمالسلام ، ثمة طريق عام وآخر خاص ، والطريق العام يتضمن تقديم نظرة شاملة وكلية تتعلق بالاجابة على السؤال التالي : هل يمكن أن يقع النبي ـ أي نبي ـ في خطأ أو لا؟ ويتم ذلك من خلال المحاور العامة للموضوع دون الدخول في خصوصيات كل نبي وما طرحت هذه الشبهات من إشكالات ضد عصمته ، أما الطريق الخاص فهو يتناول حياة كل نبي بمعزل عن الآخر ، ويعالج الشبهات المطروحة ضد عصمته كلاً على حدة ، وما سنعمد إليه هو اعتماد الطريقين معاً ولكن ليس بالتفصيل الشامل ، ففي البداية سنحاول تقديم تفنيد عام لهذه الشبهات من خلال التذكير بالمحاور العامة التي استفدنا منها بالتدليل على عصمة الأنبياء والمرسلين عليهمالسلام ، (٢) وجعل هذه المحاور العامة بمثابة ضابطة تحكم كل التفاصيل المتعلقة بحياة الأنبياء ، حتى إن ما يتناقض معها يرد أو يؤول بما ينسجم مع هذه الضابطة ، وسنأخذ بعض
____________________
(١) يوسف : ٥٣.
(٢) وهو يصلح لتعميمه على عصمة الأئمة عليهمالسلام أيضاً ، لتشابه الموضوع رغم اختلاف الصفة والمقام.