تمهيد في طبيعة العلاقة بين الرسالة والذات
المتحدّثون عن العصمة صنفان ، فمنهم من يتحدّث عن العصمة التي تشمل كل أفعال المعصومون دون فرق بين أن يكون هذا الفعل مختصّاً بالرسالة والمهمة التبليغية التي أوكلت إلى المعصوم أو لا ، فيرى أن المعصوم لا يخطىء في كل أفعاله وسلوكياته وقراراته ، ويسمّى هذا النمط من العصمة «بالعصمة المطلقة» ، وعلى ذلك قام رأي الإمامية جميعاً على تفصيل ستأتي الإشارة إليه في محله ، ومنهم من يفصّل بين المهمة التبليغية للمعصوم وبين سائر شؤونه الحياتية ، فيراه معصوماً في الأولى قابلاً للخطأ في الثانية ، ويسمّى هذا النمط من العصمة «بالعصمة التبليغية» وعلى هذا الرأي قام معتقد أهل العامة ومن تبعهم بخلاف نسبي بين فرقهم ومفكريهم.
ومنشأ هذا التفريق بين المقامين يرتبط ارتباطاً عضوياً بطبيعة نظرة الطرفين للعلاقة بين الرسالة والذات حيث يلاحظ أن أغلب الرافضين للعصمة المطلقة يقرّقون ما بين شخصيتين للمعصوم ، (١) فهو مع كونه رسالياً إلاّ انه
____________________
(١) أقصد بالعصمة هنا عصمة كل معصوم (صلوات الله عليهم أجمعين) وإن تحدثت عن العصمة المطلقة فإني أقصد ما هو خاص برسول الله وأهل بيته من الأئمة الطاهرين علاوة على الزهراء (صلوات الله عليهم أجمعين).