زائلة فانية؟ (١).
إن الآيات التي أدى سوء فهمها إلى خلق تلك الشبهات التي اعتورت فهم عصمة الأنبياء عليهمالسلام وأمثالها علاوة على انها ستتخصص وتحكم بالضابطة التي انتهينا إليها في المبحث السابق عن مقام النبوة ، فإننا سنجدها مؤطرة بواحد من الأطر التالية ، وبالتالي فهي ستنسجم مع تلك الضابطة ولا تتعارض معها ، وهذه الأطر هي :
١ ـ فهي إما أن تكون قد أوردت معنىً قد لا يؤديه السياق إلاّ من خلال أخذ هذه الضابطة كقرينة قابتة ، كما في قوله تعالى في مسألة النبي يوسف عليهالسلام عن الهمّ مثلاً ، فلقد تحدثت الآية عن الهمّ ـ وهو العزم ـ من دون أن تكشف النقاب عن طبيعته في الوقت الذي أعربت عن طبيعة همّ امرأة العزيز ، ولكن هذه الضابطة ستعطينا فهماً طبيعياً لما همّ به عليهالسلام ، حيث ستكون هذا الهمّ أي همّ عدا المعصية ، كأن يكون همّ دفعها ودفع الضر عنه أو ضربها أو قتلها أو ما إلى ذلك ، ومثل هذا الأمر ما نراه في الآيات التي تحدّثت عن قصة النبي سليمان عليهالسلام مع الخيل ، حيث تحدثت روايات العامة عن أن الشيطان أخرج له الخيل فألهته بعلبها عن ذكر ربه وأداء فريضته ، فراح يقتلها بسبب لهوه بها عن صلاته! (٢) بينما هذه الضابطة تمنع من تفسير كهذا ، فترك الصلاة بعذر اللهو لا يعمد إليه مؤمن عادي فما بالك بأحد أنبياء الله الكبار؟! وهكذا الكثير مما اعتبروه من الآيات القادحة بعصمتهم (صلوات الله عليهم).
____________________
(١) الخصال : ٢١٥ ب ٤ ح ٣٦ للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمهالله (ت ٣٨١ هـ) ؛ مؤسسة الأعملي ـ بيروت ١٩٩٠ ط ١.
(٢) تفسير الطبري ٩٨ : ٢٣ ـ ١٠٠.