ذات مثلها مثل أي ذات أخرى في الدنيا في عواطفها ونقاط ضعفها البشرية ، ولهذا فإن مسألة العصمة في الوقت الذي تتلازم مع شخصيته الرسالية إلا انها لا مجال لها في شخصيته الذاتية ، لأن الحاجة إلى العصمة إنما تتعلق في تصورهم بالشخصية الرسالية ، وبالتالي يمكن أن يعتور هذه الذات ما يعتور الذوات الأخرى المشابهة لها ، والمراد هنا ليس ما يعترض الذات من أحوال المرض والعافية والحزن والغضب وما إلى ذلك. بل أقصد كل ما يعترض هذه الذات خارج البنية الرسالية ، (١) فيصبح رباط العصمة بالخطأ منفكّاً هنا ، وبالنتيجة يمكن لنا أن نراها في أجواء بعيدة عن العصمة.
والمعصوم عليهالسلام شخصية اصطفتها السماء للقيام بأعباء الرسالة ، وحيث كان الأمر كذلك فهي بحاجة إلى العصمة ، حيث يراد منها أن تصدّه عن الوقوع في الخطأ وهو يمارس أعماله الرسالية ، وقد احتاج هؤلاء إلى مقولتين كي يبرروا عملية التفريق بين الذات والرسالة ؛ وبالتالي ليصلوا إلى ما يريدون الوصول إليه ، وهاتان المقولتان هما :
الأولى : إن الجعل الإلهي يرتبط بالتفضّل الإلهي لا بالاستحقاق ، وبالنتيجة فإن الاصطفاء عملية تتم من طرف واحد هي الذات المقدسة ، ولا شأن لها فيما إذا كان المصطفى مؤهلاً أو مستعداً لتحمل الأعباء المترتبة على الاصطفاء. (٢)
____________________
(١) قد يشخّصه البعض بكل موضوع خارجي عن التبليغ ، وقد ابتدع الوضاعون حديث تأبير النخل للدلالة على عدم عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في ما يخرج عن نطاق الرسالة ، واختصاص عصمته في المواطن التي كلف بالتبليغ بها.
(٢) وفي ذلك يقول محمد حسين فضل الله : إننا نقول إن الفضل من الله ، والله هو الذي يعطي الفضل ، والله هو الذي يعطي القيمة ، والله هو الذي يصطفي في الناس رسلاً ومن الملائكة رسلاً ، فالقيمة للإنسان المعصوم ان الله قد اصطفاه وعصمه واختاره ، فلا بد ان يكون اختيار الله واصطفاؤه له الحكمة ، أما ما هي الحكمة ولماذا اصطفى هؤلاء دون غيرهم نقول : (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء : =