بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) (١) ، وكذا قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) (٢).
أما مسألة عدم امتثالهما للنهي ونسيان آدم فقد قال صدر المتألهين (رضوان الله تعالى عليه) : ليس فيه ما يدلّ على إنّ تناوله حينما قاله إبليس ، فلعل مقاله أورث فيه ميلاً طبيعياً ، ثم إنه كفّ نفسه عنه مراعاة لحكم الله ، إلى أن نسي ذلك (٣) وزال المانع ، فحمله الطبع عليه بتقدير الله. (٤)
هذا على أساس النظرية التي تقول بأن النهي الإلهي لآدم عليهالسلام كان في عالم التكليف ، وهناك رأي آخر لا استحضر اسم صاحبه ملخّصه : أن الحديث عن معصية آدم يمكن أن يناقش في قدحه للعصمة في حال كونه في عالم التكليف ، ولكن حديثه تعالى عن الهبوط بعد وقوع المعصية يشير إلى أن هذه المسألة إنما وقعت قبل أن يحين عالم التكليف ، وبالتالي فما من مجال للحديث عن شوبها للعصمة لاختصاص ذلك بعالم التكليف.
وقد لا يخلو الكلام من إشكال ، لكون المعصية إن كانت من سنخ المعاصي الآثمة فالمعيب فيها واحد من حيث الأصل ، ويتأكد ذلك بالنسبة لخواص أولياء الله سبحانه وتعالى ، سواء كانت هذه المعصية قد تمت في عالم التكليف أو قبله ، ففيها من الجرأة على ساحة القدس بما فيه الكفاية ، رغم ان هذا الأمر قد لا يشمل عامة الخلق من غير الخاصة ، إذ يتغاضى المشرّع عن المكلّف العادي لو تعمد ترك المستحبات أو تعمد فعل
____________________
(١) البقرة : ٢٥٣.
(٢) الاسراء : ٥٥.
(٣) يفترض أن مراده ليس النسيان بل الترك ، وذلك لأن النسيان عارض شيطاني كما سيأتي ، ولا يليق ذلك بمقام الأنبياء عليهمالسلام.
(٤) تفسير القرآن الكريم ١١٧ : ٣ صدر المتألهين محمد بن إبراهيم الشيرازي المعروف بملا صدرا (ت ١٠٥٠) منشورات بيدار ـ قم ١٤١٥ ط ٢.