المكروهات ، ولكنه لا يتغاضى عن خاصة أوليائه لو تعمّدوا ذلك.
وعلى أي حال فما من مجال لاعتبار ما بدر من آدم عليهالسلام ، مخلًّا بالعصمة ، لما رأيت من أنه لم يك في قصد معصية الله سبحانه وتعالى ، ولم يكن الله في حال الأمر المولوي لو ارتكب آدم خلافه لكان ذلك مخلاً بعصمته ، بل بنبوته! كما لا يخفى ، نعم يمكن أن يكون ذلك مخلاً في ميزان تفاضله ضمن مدراج الكمال ، وهو أمر سنتناوله كمفهوم في القسم اللاحق إن شاء الله تعالى.
* * *
٢ ـ تكذيب نوح عليهالسلام : ومنشأ هذه الشبهة التي ترى أن الله قد كذّب نوح عليهالسلام هو الآية الكريمة : (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (١) ، ولا يكون التكذيب إلا نتيجة لعدم عصمته عن قول الكذب ، كما إن قرن قوله : (إِنَّه عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) مع قوله : (فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) يؤكد أن العتاب هنا إنما هو عتاب توبيخي لما تجاهل به نوح عليهالسلام مع ربه! كما ان طلبه المغفرة من بعد ذلك يشير إلى اقراره بارتكاب الذنب ، وهو بالنتيجة ما لا يجتمع مع العصمة.
هذا وقد روى القوم عن سعيد بن جبير قوله في طبيعة العمل غير الصالح المشار إليه في الآية : معصية نبي الله!.
وعن ابن زيد قوله في قوله تعالى : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أن تبلغ بك الجهالة اني لا أفي بوعد وعدتك حتى تسألني ، قال : فإنها خطيئة.
____________________
(١) هود : ٤٥ ـ ٤٦.