الثانية : وباعتبار أن ذلك لا ينفي فعل القبائح والمعاصي ، ولهذا احتيج إلى المقولة الثانية التي تبرر عدم فعل المعاصي من خلال تدخل الإجبار الإلهي لمنع الوقوع في المعصية. (١) وفي هذا الشأن نسمع من يقول منهم : إن المعصوم ينطلق بإرادته نحو الطاعة. ولكنه إذا أراد أن يعصي فإن الله يعصمه في ذلك عندما تتوفر له ظروف المعصية ، فإن الله يخلق له حواجز تصدّهب عن هذه المعصية ، فليس معنى حتمية العصمة (٢) انه هنا لا يملك الاختيار ، بل هو يملك أن يفعل ، ولكنه عندما يتوجه الضعف البشري في نفسه فإن الله يتدخل. (٣)
وعلى أساس هذه الأفكار انطلقت فكرة العصمة التبليغية في باحات علم الكلام لتتناغم مع عملية التفريق المشار إليها ، بعد أن احتيج إلى الحديث عن العصمة الجبرية لكي تبرر التفرقة المزعومة.
وعلى العموم فإن الرأي العام في مدارس أهل العامة يتمحور في
____________________
= ٢٣].
وبزعمه فإن : المسألة في هذا المقام ليس من الضروري دائماً أن تكون مسألة قيمة تنطلق من عمق الذات ، بل إن القيمة تنطلق من الله سبحانه وتعالى الذي يجعل في هذه الذات أسراراً تجعل هذه الذات ذات قيمة من ناحية موضوعية. «فقه الحياة : ٢٧١ ط ١ مؤسسة العارف ـ بيروت» ونفسها في كتاب : «في رحاب أهل البيت : ٤٠٧».
(١) أنظر مقالة محمد حسين فضل الله : مع الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد ، المنشور في العدد التاسع من مجلة الفكر الجديد ص ٦٢ ، وكذا انظر نفس المقالة في مجلة المعارج العدد : ٢٨ ـ ٣١ ص ٣٧٧ ، ويلحظ أيضاً كتابه فقه الحياة : ٢٦٧ ـ ٢٧٤ ، وكذا نفس المطلب في كتابه : في رحاب أهل البيت : ٤٠٣ ـ ٤٠٩ ط ٢ ؛ إعداد سليم الحسني ؛ دار الملاك ـ بيروت.
(٢) ينبغي الالتفات إلى أن المقصود بالحتمية هنا إرادة الجبر ، وليس إرادة الوجوب.
(٣) فقه الحياة : ٢٧٢ ، وفي رحاب أهل البيت : ٤٠٨.