روى القوم من الأقاصيص التي تقشعر لهولها الأبدان وهم يزرون على نبي صدّيق من أنبياء الله المصطفين ، فلقد روى السيوطي عن عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي شيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس قوله : (١) لما همّت به تزيّنت ثم استلقت على فراشهما ، وهمّ بها وجلس بين رجليها يحلّ تبانه (٢) نودي من السماء : يا بن يعقوبلا تكن كطائر ينتف ريشه فبقي لا ريش له ، فلم يتعظ على النداء شيئاً!!
وعن ابن جرير وأبي الشيخ وأبي نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : حلّ الهميان يعني السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فصيح به : يا يوسف.
وقد أعظموا الفرية فنسبوا لأمير المؤمنين وللصادق (صلوات الله عليهما) القول بأنها استحت من صنم لها فغطته فتذكّر. (٣)
ولا أريد أن أتحدّث كثيراً عن هذه الشبهة ، فقد ناقشناها في موضع آخر ، (٤) ولكن وددت أن أشير إلى حقيقة أساسية ونحن نقرأ هذه الأكاذيب التي وصمت نبياً من أنبياء الله ، فهو لم يسلم من تشويه الشخصية رغم أنّ الله سبحانه قد برأه بنفسه وسمّاه بالمخلص ، وبرأه زوج المرأة التي يتهمونه بها ، وكذا فعل شاهد أهلها الذي تحدّث عن قميصه المقدود من دبر ليعرفهم انه كان هارباً ، على عكس ما لو كان قد شقّ من قبل ، وبرأته المرأة نفسها وأكدت انها هي التي راودته عن نفسه ولكنه استعصم ، ثم أعادت هذا الاعتراف حينما حصحص الحق ، وما بين ذلك فقد طفح النص القرآني بكيل
____________________
(١) لطبيعة عقيدة ابن عباس (رضوان الله تعالى عليه) فمن السليم القول بأنهم : تقوّلوا عنه ، وهو قول لم يقل به ، كيف؟ وهو تلميذ أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٢) التُبّان : سروال صغير جداً تستر به العورة فقط.
(٣) الدر المنثور ١٣ : ٤ ـ ١٤.
(٤) انظر ذلك اثناء مناقشتنا لأفكار محمد حسين فضل الله المضادة للعصمة.