التناقض والتكذيب للوصف الإلهي الشيء الكثير!!
ولا يمكن تصوّر الشيطان وهو يحس بحجم هجمة الإيمان العظيمة على مواقعه والمتمثلة ببعث موسى أن يقبع حاسراً مستسلماً ، بل إن الصحيح هو أي يحشد امكانياته كي يعيق الحركة الموسوية ، وبما أنّ تصوّر تدخل الشيطان في شخصية موسى أمراً مستحيلاً ، لأن هذا التدخل يخرج عن مستطاع قدرات الشيطان الذي منع منعاً إليهاً من التأثير على أولياء الله سبحانه كما أشار إليه قوله تعالى : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (١) ، ولهذا لا بد من التفتيش عن الجهد الشيطاني في الساحة الخارجة عن شخصية موسى ، ولهذا أثار المشكلة بين القبطي وبين أحد أفراد بني إسرائيل ، لما في هذه المشكلة من امكانيات إثارة فرعون وقومه ضد موسى عليهالسلام وقومه ، وعليه فإن اشارته إلى الشيطان وعداوته تكمن في هذه النقطة بالذات.
ولا يظهر تدخل موسى عليهالسلام لنصرة الإسرائيلي أي مجال للقدح بشخصيته ، فلقد وكز الرجل القبطي وفي العبارة من الوضوح بشكل تطمئن النفس إليه بأنه لم يتعمد القتل ، ولكنها ضربة في الدنيا يمكن لها أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة خاصة مع ملاحظة قوة بدن موسى عليهالسلام ، وشاءت الارادة الإلهية أن تأتي الضربة على حياة الرجل ، ومن الواضح أن عدم التعمد لفعل معين لا يرتب أي أثر معنوي على فاعله ، رغم ان آثاره المادية قد تتفاعل باتجاهات متعددة ، مثله مثل من يشرب السم بتصور انه ماء ، فهو لن يعاقب لشربه السم ، وإنما ينظر إليه كأي شارب للماء ، رغم أن السم قد يقضي على حياته ، ولهذا فإن الظلم المتحدّث عنه في هذه الآية ، لن يتوجه لموسى عليهالسلام بأي شكل من الأشكال ، وستكون نسبته الظلم لنفسه عندئذ ناظرة إلى الآثار الاجتماعية التي ستترتب على عملية قتل
____________________
(١) الاسراء : ٦٥.