لو اجتمع بعضها لدى اعرابي من الأعراب ما قبلوا له شهادة!! فهو حسب مروياتهم : نزق يقفز من بيت لآخر ، لاهث وراء الدنيا رغم ان الدنيا كانت كلها بين يديه ، يتلصص النظر من على أسطح الناس ، لايتورع من النظر إلى المحرمات ، تستحي منه امرأة ولا يستحي هو من ربه ، وتدفع به الخطيئة إلى حد ارتكاب جريمة قتل ، بهدف مضاجعة امرأة!! يا لله ولعقول القوم أي فرية افتروها على نبي الله ، وأي وصمة وصموها لمن طهره الله!!
وأيّاً كان فالقصة القرآنية ليس فيها أي أمر يشير إلى ما قصّوه ، وكل حديثها أن خصمان من الملائكة اختبروا حكمة داود عليهالسلام ، فحكم لأحدهما دون أن يستمع إلى حجة الآخر ، وكان ذلك بمثابة تذكير له على ما ظنّ أن الله لم يخلق خلقاً أعلم منه ، وفي هذا الصدد نرى الإمام الرضا عليهالسلام بعد أن سأل ابن الجهم عما يقوله الناس في تفسير الآيات ، فقصها على نحو ما ذكرناه يضرب بيده على جبهته ويقول : إنا لله وإنا إليه راجعون! لقد نسبتم نبيّاً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته ، حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل! فقال ابن الجهم : يابن رسول الله فما كان خطيئته؟ فقال : ويحك! إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عزّ وجلّ خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عزّ وجلّ إليه الملكلين فتسورا المحراب فقالا : (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَاب) فعجل داود عليهالسلام على المدعى عليه ، فقال : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه فيقول له : ما تقول؟ (١)
٨ ـ قصة سليمان عليهالسلام مع الخيل : وهي القصة التي عرضت لها الآيات الكريمة : (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ
____________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١٧٢ : ١ ب ١٤ ح ١ للشيخ الصدوق ؛ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ١٩٨٤ ط ١.