الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) (١) ، وقد اعتبرها القوم من الآيات الدالة على عدم عصمة الأنبياء عليهمالسلام ، فلقد رووا انه عليهالسلام شغله التشاغل باستعراض الخيل عن ذكر ربه وعن صلاته ، فقال : لا تشغلني عن عبادة الله تعالى ، فراح يضرب أعناقها ويقتلها! (٢)
والواقع القرآني يشير إلى غير ذلك بالمرة ، فوق التفسير الذي يعتمده القوم فإن سليمان كان قد ترك صلاته ، ثم اتهم بريئاً بالتسبب بذلك ، ثم راح يبذر مال الله المؤتمن عليه ، وأي مال هو؟ (٣) وهذا ملا ينسجم بحال من الأحوال مع المديح القرآني لسليمان عليهالسلام بالمرة ، فأين نعم العبد من العبد التارك لصلاته؟!! وأي الأوّاب من المسرف في أمر ربه وخلقه؟!! وأين النبي من ظلم الأبرياء؟!!
وقد كان بامكان القوم حمل الآية على سياقها الظاهر ليحفظوا فيها خصائص النص القرآني وخصائص مقام النبوة ، فلقد استعرضها بالليل ، والليل ما من استعراض للهو فيه ، فمن يريد أن يلهو عادة ما يلهو في النهار ، خاصة في تلك الأزمان التي ينعدم فيها الضوء! وما استعرضها في الليل إلاّ
لأمر مهم ، فحاشا لأنبياء الله أن يكونوا من اللاهين العابثين ، وحين ذهبت الخيل في استعراضها إلى المدى الذيتنعدم فيه الرؤيا طلب أن يرجعوها ، حتّى إذا ما رجعت راح يغسل أقدامها وأعناقها ، وهو الأنسب بخلق الأنبياء وسجاياهم.
٩ ـ قصة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم مع امرأة زيد : وقد عرض القرآن لهذه القصة في الآية الكريمة : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ
____________________
(١) سورة ص : ٣٠ ـ ٣٣.
(٢) الدر المنثور ٣٠٩ : ٥.
(٣) كان المال المشار إليه هو خيل الجهاد في سبيل الله.