الموضوع بالصورة التي طرحته فيه.
١٠ ـ أمنية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والقاء الشيطان : وقد وجد القوم في الآية الكريمة : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١) منفذاً للقدح بشخصية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فرووا واحدة من أشنع القصص المجحفة بحق الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلقد أخرج أغلب رواتهم ومفسريهم ومؤرخيهم وأصحاب صحاحهم ومسانيدهم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، والذي كان دأبه مواجهة العقائد الفاسدة ، والذي جاء نبيا للتوحيد لا تأخذه في سبيل ذلك لومة لائم ، حاول أن يستميل المشركين بذكر آلهتهم بخير ، فألقى الشيطان العاجز عن التأثير على من هو أدنى مرتبة من خدّام الرسول بأبي وأمي فضلاً عن الرسول نفسه على لسانه ما يرضي هؤلاء ، فبينما كان يقرأ : (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) (٢) ألقى الشيطان في لسانه فقال : تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ، (٣) وإذا بنبي التوحيد والإخلاص يتحول بين عشية وضحاها ليبشّر بالشرك ويطلب معونة آلهة المشركين وشفاعتها!!
ولكن الحال هو غير هذا التفسير المتجني على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بصورة لا تقل عن تجني المشركين على حقه ، فالأمنية ـ أي أمنية ـ تتكون من طرفين ، أحدهما داخلي يرتبط بوعي وادراك وأحاسيس المتمني ، والآخر خارجي يرتبط بتحقق ما يتمناه ، ولو خصصنا الكلام ضمن مدار الواقعة فسنجد ان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم له أمنية يرتبط أحد طرفيها بأحاسيسه وفكره ، وهذه الأمنية هي رغبته في أن يهتدي أكبر قدر ممكن من الناس ، والطرف الثاني
____________________
(١) الحج : ٥٢.
(٢) النجم : ١٩ ـ ٢٠.
(٣) الدر المنثور ٣٦٦ : ٤ ـ ٣٦٨.