كما يقول الله سبحانه : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (١) ، كما ونسوا أن الله قد أمر الرسول بأن لا يذهب نفسه عليهم حسرات كما قال الله سبحانه : (فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) (٢) ، وأنه أمر هدايتهم ليس إليه وإنما هو إلى الله سبحانه كما تشير الآية : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (٣).
ومن جهة ثالثة جاءت الآيات وهي جادة في تعريضها وازرائها بالعابس في أمور لا تتناسب مع مقام النبوة ، فهو عابث يسعى وراء من لا يستحق ، ويترك المستحق ، وهو يلهو عن واجب التلبية لمن يسعى إليه ليلهو بالمستغني عن ذلك كله ، فهل يمكن لمسلم أن يتصور أن رسوله بهذه الصفات؟!
ومن جهة رابعة فثمة أعمى ، وآخر يعبس الوجه لقدومة ، وثالث رأى عبوس العابس كما رأى قدوم الأعمى ، ومن الواضح أن الآية لا تعرّض بالأعمى ، كما أن الأعمى لا يتأثر بعبوس العابس ، فهو لا يرى عبوس وجهه ولا بشاشته ، فلا يبقى لدينا غير الرجلين ، رجل وصف بأنه صاحب الخلق السيىء وآخر قالوا عنه بأنه أحد المشركين (٤) ، وهو وصف يتحمل أكثر من الازراء الذي تعرض إليه الآيات الكريمة ، فهل إن الله أراد أن يهين رسوله أمام هذا المشرك كما يزعمون؟! تالله أي اساءة في ما تحكمون!! (٥)
* * *
____________________
(١) الأنعام : ١٢٤.
(٢) فاطر : ٨.
(٣) البقرة : ٢٧٢.
(٤) سياق الآيات وحديثها عن مهمات الأعمى وطبيعة التعريض بشخصية العابس تؤكد أنه ممن أسلم ، وعلى ذلك روايات أهل البيت عليهمالسلام.
(٥) سنعاود الحديث عن الآية في مجالاتها الأخرى وذلك في معرض حديثنا عن آراء محمد حسين فضل الله إن شاء الله تعالى.