وثمة شبهة أخيرة في هذا المبحث هي شبهة سهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذه الشبهة متداولة بشكل متسالم عليه في كتب العامة ، وقد تورطت بها بعض كتب الشيعة ، ولكن من حيث التحقيق العلمي ، فالشبهة في أصولها تعتمد على رواية عامية تماماً ، والتشيع بما يمثله من فكر مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بريء منها جملة وتفصيلاً ، وبالرغم من أه هذه الشبهة لها بحث هو ألصق بعلم المعصوم عليهالسلام من مبحث عصمته ، إلا إننا سنقتصر على مناقشتها بمقدار تعلّق الأمر بعصمة المعصوم ، والمتبقي منها كنا قد استوعبنا الحديث عنه في كتابنا : «علم المعصوم عليهالسلام» الذي نأمل أن يرى النور بعد هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ومدار الشبهة ناظر في أذهان هؤلاء إلى أن القرآن الكريم تحدّث عن سهو النبي ونسيانه كما في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) (١) ، وكذا في قوله تعالى : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ) (٢) ، وكما في بعض الأخبار التي تشير إلى أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يسهو في صلاته مثلاً ، كما ورد في الخبر الذي رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه ؛ وأحمد في مسنده عن أبي هريرة قوله : صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلّم في ركعتين ، ثم أتى جذعاً في قبلة المسجد فاستند إليها مغضباً ، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما وخرج سَرَعان الناس (٣) قصرت (٤) الصلاة ، فقام ذو اليدين فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فنظر النبي صلىاللهعليهوسلم يميناً وشمالاً فقال : ما يقول ذو اليدين؟ قالوا : صدق لم تصلّ إلا ركعتين فصلّى
____________________
(١) الكهف : ٢٤.
(٢) الأنعام : ٦٨.
(٣) سرعان الناس كما يقول النووي : المسرعون في الخروج منهم.
(٤) هكذا المصدر ولربما المراد هو أنهم خرجوا مسرعين يقولون : قصرت.