وهذه الضوابط بمحضها قابلة لرد ما يناقضها نتيجة لدلالتها القطعية ، فكيف إذا عرفنا أن ما أشكلوه به لا يناقض هذه العصمة ، بل في بعض الأحيان يؤكدها.
وأيّاً كان فإن الإشكالات التي طرحها المشككون بعصمتهم (صلوات الله عليهم) هي :
أولاً : ولست في نفسي بفوق أن أخطىء!
وهذا الإشكال يبتنى أساسه إلى قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في نهج البلاغة أثناء حثّه للناس على عدم المصانعة مع الحاكم فقال : ولا تخالطوني بالمصانعة ، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي ، ولا التماس إعظام نفسي ، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفّوا عن مقالة بحق ، أو مشورة بعدل ، فإنّي لست في نقسي بفوق أن أُخطىء ، ولا آمن ذلك من فعلي ، إلاّ أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني ، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره ، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا. (١)
وقد وجد بعض أهل العامة ، وبعض من ارتد من التشيع كمحمد حسين فضل الله معرّضاً ، وكأحمد الكاتب ناصّاً ، في هذا القول دليلاً ولا أقوى منه على ضعف المستند الشيعي على العصمة ، وذلك لأن نفس من يعصمونه من الخطأ والزلل يقول عن نفسه بأنه ليس في نفسه بفوق أن يخطىء. (٢)
____________________
(١) نهج البلاغة : ٢٤٥ خ ٢١٦ جمع الشريف الرضي (ت ٤٠٤ هـ) دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت ١٩٩٠ ط ١.
(٢) انظر كلمات محمد حسين فضل الله في العدد الثاني من مجلة الجدار اللبنانية ، وقد تحدث فيها بعد أن أورد الكلمة مع حرصه على حذف كلمة في نفسي عن ضرورة محاسبة الإمام علي عليهالسلام وانتقاده ، وكذا في ص ١٥ ـ ١٦ من العدد : ٩٤ ـ ٩٥ من =