لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) (١) ما كان ليسمح لأي أحد بالتشكيك في قدرات الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم على أداء مهماته الرسالية على أكمل وجه وأتمّ صورة!!
ولو أردنا أن نتفحّص الأمر ضمن المعايير القرآنية الأخرى فما من ريب في أن صورة هذا القول ستزداد بؤساً على ما فيها من فادح القول ، فلقد عرفنا أن الخطأ إنما هو نتيجة من نتائج الجهل والغفلة ، وهما من صنائع الشيطان كما عرفنا من قبل ، فإن قال بإمكانية تدخل الشيطان في ذات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كما سنسمعه من بعد ـ وهذا التدخل هو الذي أدى لوقوع الخطأ من الرسول بأبي وأمي فقد جاء فرياً من القول تكاد السموات أن تقع بسببه على الأرض وتنهدّ الجبال منه هدّاً ، كيف؟ وقد وسم الله كيد الشيطان بالضعف كما في قوله تعالى : (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً) (٢) ، وهذا الجهد والكيد الشيطاني تعهّد الله بأن لا ينال من صالحي عباده ، فكيف بأفضل مخلوقاته؟ وذلك لقوله جلّ من قائل : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (٣)!!
وإن قال بأن الخطأ ينشأ من غير تعمّد منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل نتيجة لغفلة ونسيان وسهو كما حصل لآدم عليهالسلام! فلنا ان نلاحظ على ذلك ما لاحظناه سابقاً ، فالنبي آدم عليهالسلام لم يطرأ منه نسيان الغفلة ، وإنما نسيانه هو الترك وما بين الاثنين فرق شاسع ، والغفلة التي تعتبر من النتاج الشيطاني لقوله تعالى : (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (٤) لا يمكن أن تطرأ على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وغير ذلك مما مرّ بنا من أقوال ، على إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان يقول بأن عينيه
____________________
(١) الحاقة : ٤٠ ـ ٤٧.
(٢) النساء : ٧٦.
(٣) الحجر : ٤٢.
(٤) الكهف : ٦٣.