تنامان ولا ينام قلبه ، من أين ستعرض عليه الغفلة يا ترى؟ في الوقت الذي رأينا فيه النص التبليغي محاط بحراسة شديدة كما تبين لنا من آيات سورة الحاقة التي مرت منذ قليل.
إن ظاهر قول فضل الله يشير إلى أن الخطأ يمكن أن يأخذ سياق القول والفعل في شخصية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الآخر يمثل مخالفة صريحة للقرآن من جهة أخرى ، فلقد قرر القرآن أن أقوال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يطرأ عليها الشيطان ، ولا يمكن أن تكون بايحاءاته ونزغاته كما في قوله تعالى : (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) (١) ، أما الفعل فلما عرفت بأن كيده لا يمكن أن ينال من مؤمن نال بعضاً من الدين ، فكيف بالرسول الأقدس؟ وكذلك لطبيعة الأمر القرآني الجازم في شأن التأسي والاقتداء بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا كان الله تعالى يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (٢) فإذا كانت طاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم تمثل مقياساً لقبول الأعمال وبطلانها ، فكيف يمكننا تصور خطأ الرسول بأبي وأمي في عمله؟!
وهل يعْقِل هذا المتكلم عماذا يتكلم حين يرى أن الله يأمر بطاعة من يخطىء؟! فالله سبحانه وتعالى حينما أمرنا بطاعة الرسول فقد أمرنا بذلك على أي حال ، ولم يكتف بهذا فحسب ، وإنما شدد على ضرورة التأسّي بالرسول حين قال : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (٣) واعتبر ان حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، حين دعانا لطاعته في المسائل التشريعية بقوله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (٤) ،
____________________
(١) التكوير : ٢٤.
(٢) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ٣٧.
(٣) الأحزاب : ٢١.
(٤) الحشر : ٧.