وقرن طاعة الرسول بطاعته سبحانه وتعالى فقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (١) وحينما يكون الأمر بهذا الشكل من الجزم والحسم ، كيف يمكن أن يعقل أن الله يأمرنا بطاعة من يمكن أن يخطىء؟ فلو كان الامر كذلك لتناقض الأمر الإلهي ، فهو حين أمرنا بطاعة الرسول على كل حال ، فقد أمرنا بطاعته في الخطأ والصواب ، ولو فعلنا ذلك فقد أطعنا الله حين فعلنا مثل فعل الرسول في خطئه وصوابه ، وهذا ما لايمكن لعاقل أن يؤمن به ، فهو خلاف الحكمة والعدل الإلهي ، فلا تغفل!!
ولا ينفعه القول بأنه يصوّب ذلك في ما بعد ويصححه ، فالأول وهو امكانية خطأ الرسول لا دليل عليه ، وقوله بوجود هذه الامكانية تخرص منه ليس إلاّ ، وقد عرفت مخالفته لجملة من الآيات القرآنية الصريحة ، وأما الثاني فهو يستلزم الدور من جهة ، فالقول بأنه اخطأ ثم أصلح هذا الخطأ ، يحتاج إلى دليل ، ولا دليل للرسول في حال انتفاء النص القرآني إلا الرسول ، وهل يصدق المخطىء إن قال بأنه في هذا العمل لم يخطىء ، فمثلما أخطأ في سابقه ما الذي يمنع من الخطأ في اللاحق ، وهكذا سنبقى في حلقة مفرغة.
هذا ناهيك عن دلالات ذلك في قلوب الأتباع والأعداء ، فالأتباع سيرون في شخصية الرسول الكثير من الاهتزاز الذي يجعل النفس ذات صدود لطبيعة نفرتها من المخطىء ، وهو ما يتنافى مع الأوامر القرآنية الصارمة بالاتباع كقوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً) (٢) ، هذا فضلاً عن حيرتهم في تمييز خطئه من صوابه!!
أما الأعداء فأمرهم أخطر ، فقد يغض المتبع الطرف عن خطأ رسوله!!
____________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) الأحزاب : ٣٦.