عن طهارة المتمني الشاملة كما في آية التطهير ، وأمانته المطلقة في حمل أعباء الرسالة ، وعلمه المطلق كما في آية الراسخين في العلم ، وعن قربه المتميّز من ربّه إلى غير ذلك من صفات وميزات جعلت إمكان اختلال أمانيه بعيداً عن الأهداف الرسالية ومبتغيات هذه الرسالة يعد ضرباً من الخيال الماجن! في الوقت الذي تحدّثت بلهجة مضادة عن جهد الملقي في الأمنية وهو الشيطان ووسمته بسمات العجز ، فكيده ضعيف ، وجهده مهما بلغ فإنه لن يصل لعباد الله المخلصين ، فأي القرينتين نأخذ سواء كانت تلك المتعلقة بالمتمني وهو الرسول ، أو في الملقي وهو الشيطان نجد أن الترجيح القرآني البديهي يقف في خلاف ما ذهب إليه فضل الله ، ولو أخذنا الجانب الخارجي للأمنية لوجدنا مجال الإلقاء الشيطاني واسعاً دون أن يتعرض مقام الرسول لأي أذىً أو مساس ، فلو تمنى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أي أمنية تتعلق بأي شخصية ، كأن يتمنى هداية زيد من الناس ، وراح الشيطان يكثف جهده من أجل الحيلولة دون تحقق أمنية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه ، بجهد دؤوب لمنع عملية اهتداء هذه الشخصية ، فسيبقى كل شيء في مقامه على حاله ، فقد تتحقق أمنية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حين تتغلب عقلانية زيد هذا على اغواءات الشيطان ، وقد لا تتحقق هذه الأمنية حين تتخلف قوة هذه العقلانية عن قوة تلك الاغواءات.
ج ـ ولو أردنا أن ندخل في التفصيل الروائي لعملية الإلقاء هذه ، لوجدنا أن ثمة فريقين أولهما يتحدّث بنفس حديث فضل الله هذا ويرى أن الشيطان قد أثّر في داخل الذات الرسولية ، وهذا الاتجاه هو الاتجاه الغالب على تفاسير القوم ، فلقد أفرد السيوطي في تفسيره الروائي مساحة واسعة لأكثر من سبعة عشر حديثاً واصفاً بعضها بالصحة ، وهو يتحدّث عن الرسول الذي تتلاعب في أمنيته إلقاءات الشيطان واغواءاته ، وفي أغلب هذه الروايات تجد حديثه ينصبّ على ما يعرف بحديث الغرانيق ، والحديث الذي يعدّ من فضائح مرويات القوم ملخصه ما أخرجه عن البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن