وهكذا بقية الآيات الكريمة التي تتحدّث عن الأوامر الخاصة الموجهة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن سلف من النبيين عليهمالسلام ، ومعه فإن الادعاء حول جبرية العصمة ضمن النص القرآني ادعاء بلا دليل ، يبرز قلة معرفة القائل به بالنص القرآني ودلالاته!
وبطبيعة الحال فإن المقتضى العقلي ينسجم تماماً مع التزامات النص القرآني ، وبالتالي فهو يؤكد اختيارية الارادة لدى المعصوم ، وذلك لأنه لو كان مجبراً في فعله فيسترتب على ذلك جملة من التناقضات التي تفضي إلى القدح بالعدالة الإلهية ، فمن جهة سوف لن نستطيع تبرير عصمة الله لشخص ، وحرمانه آخر! فعصمة من هذا القبيل سوف لا تكون مرهونة بمرجحات ، وعدم اتهانها بمرجحات ، يعني عبثية الارادة الالهية ، لأن المسلّم عند العقلاء أن ترجيح أمر ما ، لا بد وأن يرتهن بمرجّح يسوّغ ميل الارادة الفاعلة إليه دون غيره ، وإلا الاختيار الارادي عند ذلك سيكون عابثاً بلا هدف ما ، وهذا مما لا يمكن توصيف الفعل الإلهي به.
ومن جهة أخرى يكون المثال الرسولي مثال طوباوي خيالي ، فالمعصوم بالاجبار لا تبقى لديه أية فضيلة فهو مثل الروبوت الآلي الذي لا قيمة فيه بمعزل عن الأجهزة التي تحركه ، مما يجعل فضيلته الظاهرة هي فضيلة من يحركه بشكل واقعي ، ولهذا فإن منطق التأسي والاقتداء المطروح في القرآن سينتفي ، فلا تأسي بآلة ، ولا اقتداء بمجبور ، بل العكس هو الصحيح ، فغير المعصوم سيكون بامتناعه عن الفعل المحرم أفضل من المعصوم بالاجبار عن ذلك الفعل!! بل سيكون الظلم الإلهي فادحاً!! حينما أعطى المجبر الذي لا يملك من فعله أي شيء مقاماً محموداً وجعله شفيعاً مشفّعاً وأحاطه بكل العلوم علماً ، وأشهده على من ذرأ وبرأ ، وحرم المقبل على ترك معصيته طوعاً مع رغبة نفسه فيه وتزيين الشيطان المعصية له من كل ذلك ، فبالله عليكم هل ثمة عقل في هذا المنطق؟! أنبئوني إن كنتم تعقلون؟!!