ولا نريد أن نستدلّ هنا على عصمة الصديقة فاطمة الزهراء عليهاالسلام فلقد مرّ بنا أثناء الحديث عن آية المباهلة والتطهير وحديث الثقلين وغيرها ، كما أنني لست في صدد الحديث عن نفيه لعصمتها وفق هذا النص ، ولكن وددت الحديث عن طبيعة المنهج الفكري الذي أجده يتناقض ما بين قول وآخر ، فالحديث عن الظروف الطبيعية التي كفلت لهؤلاء النساء امكانات النمو الروحي والعقلي .. إلخ أجده يتناقض تناقضاً واضحاً مع حديثه عن العصمة الجبرية التي تجعل الله يضع في ذات المعصوم ما من شأنه أن يمنعه من المعصية وفق ما يدعيه فضل الله ، فمن أجبر على العصمة ماذا ستفعل له الإمكانات الطبيعية للنمو التي يتحدّث عنها هذا الرجل ، وهذا السر الغامض الذي تنشاء به الجبرية في شخصية المعصوم إن كان مادياً فلدينا عليه فكلنا بحاجة إلى هذا النمط من العصمة ، وإن كان روحياً فهو غيبي ، فلم تحدث عن عدم وجود العناصر الغيبية التي رأى أن إثبات وجودها لا يخضع لأي اثبات قطعي؟!
ولا يمكنه النفاذ من هذه الورطة إلا من خلال نفيه لعصمة الصديقة الزهراء عليهاالسلام جملة وتفصيلاً ، عندئذ سنجده يقع في ورطة مخالفة آية التطهير والمباهلة وحديث الثقلين والحديث المتفق بشأنه بين الفرقين حول تعلق غضب الله ورسوله بغضب فاطمة (صلوات الله عليها) وأذاها ، كما رأينا ذلك في ما سبق ، فليختر أي طريق شاء ، وسيجد أن ما بعد الحق ليس إلا الضلال!!
ونضع الرحال عند أعتاب قصة نبي الله يوسف عليهالسلام ، لنقدّمها كنموذج في مناقشات فضل الله لعصمة الأنبياء وسعيه الدؤوب لاخراجهم منها ، فلقد أقدم هذا الرجل أثناء حديثه عن قصة الهمّ اليوسفي المعروض في الآية الكريمة : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ