بسيط الفكر من الشيعة ما يضحك لعقلية من يقول بذلك ، لما فيها من مخالفة بديهية لأبسط المعلومات والأفكار الشيعية.
وقد قام الدكتور حنفي بتقديم خليط غير متجانس عن فرق الغلاة والضلال والزيدية وسائر الفرق الشيعية مع فكر الإمامية ليحاكم به الفكر الشيعي ، وقد استند في ذلك على مجموعة الكتب المعلوماتية التي ألمحنا الإشارة إليها كمقالات الأشعري وملل الشهرستاني ومواقف الإيجي ومخصل الرازي وفصل ابن حزم غيرها ، ولا تظفر في استناده على ذلك على منهجية علمية بسيطة وهي محاكمة الفكر من مصادره الحقيقية ، فكيف برجل يريد أن يحاكم الفكر الإمامي من خلال ما دبجته أقلام مناهضية؟!
وعلى أي حال فالرجل بعد أن قدم العصمة كمفهوم مزدوج مع التقية ، فرأى أن المعصوم الذي لا يخشى من شيء لا يمارس التقية! قدم العصمة بعنوانها رد فعل نفسي على الفتنة وتخبط الآراء ، رأى ـ أسطورياً ـ أن تكون العصمة في الإمام كصفة بصرف النظر عن تطبيقها في هذا الإمام أو ذاك. (١)
وقد أخطأ الدكتور هنا ثلاث مرات ، مرة حينما زواج بين التقية والعصمة ، فهي مزاوجة لا تستند على ضابطة علمية محددة المنهج ، فالتقية ضمن تعريفها الفلسفي نمط سلوكي يحاول ـ من خلال عدم الجهر بالمعتقد ومسايرة المجتمع في ما يعتقد دون اعتقاد ذلك ـ أن يخفف من حالة الاحتقان الاجتماعي الناجم عن تعارض الآراء والأفكار السياسية والمذهبية ، لمصلحة بقاء المجتمع في حالة استقرار ، إن كان عرض هذه الأفكار في الأجواء الثقافية غير السليمة أو في ظروف العنف السياسي لن يحسم الجدل بشأنها وقد يؤدي إلى فتنة في داخل المجتمع ، ضمن تفصيل لا يتسع له المقام ، وهي ـ أي التقية ـ بهذا الوصف تشمل جميع أفراد المجتمع ،
____________________
(١) من العقيدة إلى الثورة (التاريخ المتعيّن : الإيمان والعمل والإمامة) ٥ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ المركز الثقافي العربي ودار التنوير ـ بيروت ١٩٨٨ ط ١.