قواعده الفكرية ، وتأصيل مبانيه التي تأسست إبان بدايات الفجر المحمدي الصادق ، فإنه يكشف عن طبيعة الخلفية العلمية التي بنى الدكتور النشار كتابه عليها ، فتراه ينسب الشيعة للمعتزلة في مرة ويعاود نسبة المعتزلة للشيعة في أخرى ، وقد يتجه لتحميل الفكر الشيعي ما يسميه بالجذور الغنوصية (الباطنية) في منحاها الافلوطيني ، ولربما فعل العكس حينما يعرب عن تأثير شيعي في الاتجاهات الغنوصية ، وما من سبب يعزى إليه التذبذب الفكري الذي اتسمّ به الكتاب بقدر اعتماده على مصادر معلوماتية لم تك جديرة بالاعتماد ، فمن بين الآلاف من الكتب التي تصلح لتأسيس نظرة عن هذا الفكر ، اكتفى الدكتور النشار بالاعتماد على طائفة محددة جداً من الكتب جاءت في أغلبها من الصنف الذي لا يمكن وصفه بالنزاهة والحيادية بالعرض ، ويكفي القارىء أن يعرف وصفه لكتب ابن تيمية لا سيما كتاب «منهاج السنة» ليعرف اغترار الكاتب بالنزاهة المصنوعة في قوالب مذهبية وطائفية قال : وعالم آخر سلفي ـ وهو ابن تيمية ـ يعتبر مصدراً عارماً لعقائد الشيعة ، وكتابه «منهاج السنة» وثقيفة فريدة تنقل إلينا صوراً متعددة من عقائدهم ، وميزة ابن تيمية أنه ينقل إلينا نقلاً صادقاً!! ما يناقشه بعد ذلك في حدة وقسوة. (١)
وابن تيمية الذي لم يسلم من تحريفاته وأباطيله الكثير من أهل السنة وأحاديثهم التي كان يسقطها بالجملة لا لشيء إلّا لأنها لا تفي بأغراض نقاشه الملتهب في حقده ـ على ما يصف نفس الدكتور ـ ضد الشيعة!كيف يمكن أن يتخذ مصدراً عارماً لمعرفة العقائد الشيعية؟ وكيف يوصف كتابه بالتفرد والصدق؟ وكان لهذا الكلام أن يهون لو أن الكتاب الشيعي والمصدر الشيعي كان منعدماً أو عسير الحصول ، ولكن ماذا يمكن للمرء أن يقول حين يعلم أن الطلبة الشيعة ـ ولا أقول الجوامع والحواضر الشيعية ـ كانوا يحيطون
____________________
(١) نشأة الفكر الفلسفي ٢ : ٣٩٢.