أهل البيت عليهمالسلام ، وتنامي الرفض الشعبي لمظاهر القمع الشديدة التي ميزّت حكم العباسيين ضدهم ، وهو التنامي الذي أسهم في تعاظم القاعدة الشعبية لأفكارهم ومعتقداتهم ، كان بنو العباس قد وضعوا الأساس المطلوب للقضاء على احراج هذه الأحاديث واستدرار خيرات الموضوع منها ، وكان عهد علو شأن النواصب في زمن المتوكل العباسي مثالياً لتحقيق ذلك ، فقد : كان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ولأهل بيته ، وكان يقصد من يبلغه عنه انه يتولّى علياً وأهله بأخذ المال والدم ، وكان من جملة ندمائه عباده المخنّث ، وكان يشدّ على بطنه تحت ثيابه مخدّة ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص بين يدي المتوكل والمغنون يغنون قد أقبل الأصلع البطين خليفة المسلمين ، يحكي بذلك علياً عليهالسلام والمتوكل يشرب ويضحك .. وكان ينادمه جماعة قد اشتهروا بالنصب والعداوة اعلي منهم علي بن الجهم ، وعمرو بن فرج الرخجي ، وأبو السمط من ولد مروان بن أبي حفصة من موالي بني أمية ، وعبد الله بن محمد بن داود ، وكانوا يخوّفونه من العلويين ويشيرون عليه بابعادهم والاعراض عنهم والإساءة إليهم ، ثم حسّنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علوّ منزلتهم في الدين ، ولم يبرحوا به حتى ظهر منه ما كان ، فغطّت هذه السيئة جميع حسناته. (١)
وذكر ابن تغري أن المتوكل وابنه المنتصر تتبعوا الروافض بمصر وأبادوهم وعاقبوهم وامتحنوهم وقمعوا أكابرهم في سنة ٢٤٢ هـ ، وحمل واليهما يزيد بي عبد الله بن دينار جماعة منهم إلى العراق على اقبح وجه ، ثم التفت إلى العلويين فجرت عليهم منه شدائد من الضيق عليهم واخراجهم من مصر ، هذا بعد أن ورد كتاب المتوكل لواليه هذا بأن يخرج الأشراف العلويين من مصر. (٢)
____________________
(١) الكامل في التاريخ ٥ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
(٢) النجوم الزاهرة ٢ : ٢٠٩.