هريرة : تلك امكم يا بني ماء السماء! (١)
ولقد كنا قد تحدّثنا عن طبيعة الخبر من حيث مفاد العصمة في الفصل السابق ، ولكن ما يثير هنا أن البخاري في كتابه ـ الذي يعدّونه من أصح الكتب بعد كتاب الله ـ ورواية اللذان أخذا الرواية من التوراة كما سلفت الإشارة من قبل ، لم يكتفيا بالكذب على نبينا الأكرم ونبي التوحيد الأكبر ، وإنما راحا يصفان نبي الله إبراهيم عليهالسلام بصفات عجيبة مقززة للنفوس منفّرة لها ، فتراه لم يكتف بإبراز عدم غيرته على أهله ، ولم يكتف بذكر جبنه وخوفه من هذا الجبّار ، بل راحا ينسبان لإبراهيم عليهالسلام في هذا الخبر مطالبته لسارة بأن تكذب هي أيضاً!! والحال ان إبراهيم نبي التوحيد العظيم كان مبرأً من الكذب ، ونسبة الكذب إلى مثل البخاري ورواية شيخ المضيرة أليق من نسبته لنبي رباه الوحي واحتضنه الله العلي العظيم احتضان الخليل لخليله.
روى البخاري عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن احدهما فقالت صاحبتها : إنما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنما ذهب بابنك ، فتحاكما إلى داود فقضى به للكبرى ، فخرجتا على سليمان بن داود عليهالسلام فأخبرتاه فقال : ائتوني بالسكين أشقّه بينهما فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله هو ابنها! فقضى به للصغرى!! (٢)
وهنا يقدّم البخاري وروايته العتيد أنبياء الله لا سيما الذين عرفوا
____________________
(١) البخاري ٤ : ١١٢ (كتاب بدء الخلق) باب واتخذ الله إبراهيم.
(٢) البخاري ٤ : ١٣٦ ـ ١٣٧ (كتاب بدء الخلق) باب ووهبنا لداود سليمان.