ذلك من الغناء والغناء محرم كما يظهر من تعليل الرسول لسماحة للجاريتين بأن يدففن أو يغنين ، فلو لم يك محرماً ما كان الرسول بحاجة إلى تعليل لعمل الجاريتين ، فهل كان تعليل الرسول في محله؟ ولو كان تعليله في محله فلم غشّى وجهه؟!
ولم يك للعيد ـ كمصطلح تشريعي ـ أي أثر في تحليل محرم ، بل إن المتيقّن أن عيد الأضحى من أيام الله ، وفيها تأكيد على اجتناب سخط الله ، فهل ترى في الرواية العائشية رغبة في اظهار رضى الرسول (وحاشاه) بمنكر فعلته؟ أم رغبة في اظهار كرامة لأبيها في تناهيه عن المنكر رغم تهاون الرسول (بأبي وأمي) عن هذا المنكر؟!
وعن عائشة أيضاً قالت : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ، فزجرهم عمر فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دعهم أمناً بني ارفدة. (١)
ويبدو أن البخاري ـ الذي عرف بتقطيعه للأخبار في كتابه ـ لم يرو القصة كاملة خوفاً من المحاذير الحافة بها ، لذا سأنقل القصة من سنن الترمذي الذي أوردها في فضائل عمر لنتبين ما مراد البخاري من لعب الأحباش في المسجد فلقد روت عائشة فقالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالساً فسمعنا لغطاً وصوت صبيان ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا حبشية تزفن (٢) والصبيان حولها فقال : يا عائشة تعالي فانظري فجئت ، فوضعت لحيي (٣) على منكب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال
____________________
(١) البخاري ٤ : ١٦١ ـ ١٦٢ (كتاب بدء الخلق) باب قصة الحبش.
(٢) الزفن : الرقص.
(٣) اللحي : حائط الفم ، وأرادت أنها وضعت ذقنها على منكب الرسول.