رابعاً التيار التاريخي (١)
مثلما رأينا الأمر في التيار الروائي ، فإن هذا التيار الذي عُنى بتاريخ المتعقدات لم يك وليد ظروف مختلفة عن ذاك ، بل هو وليد نفس الظرف السياسي والاجتماعي الذي أوجد ذاك ، ولهذا تراه يتكامل في أغراضه وأهدافه مع الأهداف والأغراض المطروحة مع ما استهدفه التيار الروائي ، ففي هذه الفترة برزت العقيدة الأشعرية التي سرعان ما أصبحت عقيدة الدولة الرسمية ، وتم تعميمها على كل مؤسسات الدولة ، وهي في الأعم الأغلب شاملة لجميع مناحي الحياة الدينية عند العامة ، ومهمة هذه العقيدة كانت تتضمن بفترقات رئيسية ثلاثة ، فهي من خلال فكرها التقليدي الجامد الذي لا يسمح بأي نمط تغييري شمولي في الحياة العامة ، تحاول أن تعيد وصل الفكر الجماهيري العام مع الكيان العباسي الحاكم من دون أن تعنيه هو بالذات ، وهذا ما يفسّر اعتمادها من قبل غالبية الكيانات والأنظمة السياسية المتلاحقة من بعد بني العباس وحتى يومنا هذا.
وهي من خلال تنظيرها الفكري والعقائدي تدفع بالاتجاه المضاد للتيارات الفكرية والعقائدية المناهضة للواقع السياسي العام وما يترتب عليه من اسقاطات في المناحي الحياتية كافة ، ولهذا فلا غرابة من أن تضع العقيدة
____________________
(١) المقصود هنا هو تاريخ العقائد والفرق.