ب ـ عبد القاهر البغدادي الاسفراييني
لم يختلف الحال عند عبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفراييني في كتابه «الفَرق بين الفِرق»عن حال سلفه الأشعري بل تراه يردد نفسه الكلمات التي رددها الأشعري من قبل ، فبعد أن صنّف الشيعة ضمن الفرق الضالة ، وردد جملة من الافتراءات على جملة من أعلام أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام كزرارة بن أعين وهشام بن سالم الجواليقي ومحمد بن عثمان الأحوال المعروف بمؤمن الطاق والذي وصفه بشيطان الطاق ، وعلى صاحب الإمام الرضا عليهالسلام يونس بن عبد الرحمن القمي (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ونسب إليهم فرقاً مستقلة ، (١) وبطبيعة الحال فقد نسب لهشام بن الحكم أثناء إماميته أقوالاً فظيعة كان منها ما يتعلق بمسألة العصمة فقال : وكان هشام يجيز على الأنبياء العصيان مع قوله بعصمة الأئمة من الذنوب ، وزعم أن نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عصى ربه في أخذ الفداء من أسارى بدر ، غير أن الله عزّ وجلّ عفا عنه ، وتأوّل على ذلك قوله تعالى : ( لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) (٢) ، وفرّق في ذلك بين النبي والإمام : بأن النبي إذا عصى أتاه الوحي بالتنبيه على خطاياه ، والإمام لا ينزل عليه الوحي فيجب أن يكون معصوماً عن المعصية.
وكان هشام على مذهب الإمامية في الإمامة ، وأكفره سائر الإمامية
____________________
(١) الفرق بين الفرق : ٤٣ ـ ٤٨.
(٢) الفتح : ٢.