كيف تتشكل العصمة؟
قبل الدخول في تفاصيل الدليل القرآني يتوجب علينا أن نلقي ضوءاً على كيفية تشكل العصمة في فعل الإنسان ، وبكلمة أخرى : كيفية اعتصام الإنسان من الذنوب ، وكيفية تحرّيه الدقة في الموقف بحيث يكون معه متحرّزاً من الوقوع في الخطأ وممتنعاً عنه ، لأن من شأن ذلك أن يدلّنا على الكثير من الامور الفاعلة في التأثير على عصمة الإنسان سلباً أو إيجاباً ، ومع تعرفنا على ذلك سيسهل علينا التعرف على طبيعة التداخل بين الارادة الإنسانية وبين اللطف الإلهي ، وهو التداخل الذي أوهم الكثير من الباحثين بوجود نمطية من الجبر الإلهي ، في شخصية المعصوم عليهالسلام ، مما أودى إما إلى القول بجبرية العصمة ومجبورية المعصوم ، وإما إلى رفض العصمة لبديهية رفض ما يترتب على جبريتها ، فإن كانت جبرية فسيخدش ذلك بعدل الله وهو ما لا يمكن القول به ، ضمن تفصيل سنأتي عليه إن شاء الله تعالى ، وإن رفضت العصمة فقد تساوى من هي مفروضة له مع غيره من البشر العاديين.
وبادىء ذي بدء لا بد من الإشارة إلى حقيقة أن كل إنسان مجبول بطريقة ما على التوقي من فعل معين ، والاندفاع إلى آخر ، سيّان في ذلك صاحب الادراكات العقلية المتميزة أو القاصر عن ذلك ، فالطفل يمتنع من النار ، والمجنون يمتنع من الكثير من الأمور ، وهذا الامتناع وإن كان في بعض الأحيان لا يتخذ نمطاً عقلياً بخط معياري واحد ، ولكن هناك حافز ما يدفع الممتنع لاتخاذ قرار امتناعه ، وهذه الحقيقة إن لو حظت في المواضع